عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

الآن وبعد أن انفضت الدورة الخمسون لمعرض القاهرة الدولى للكتاب والتى حققت نجاحا غير متوقع، بسبب التخوفات من انتقال المعرض إلى مقره الجديد، فربما يكون من المطلوب أو المجدى محاولة تحديد اتجاهات القراء من واقع عمليات البيع والشراء خلال المعرض على مستوى مختلف دور النشر المشاركة فى المعرض، بما يساهم فى رسم خريطة أكثر رشادة لسياسات النشر وبشكل خاص لدى دور النشر المصرية، سواء بتعزيز نمط ومجالات قراءة يقبل عليها القارئ أو بالبحث فى أسباب التقاعس عن التفاعل مع نمط آخر يبدو من المحبذ نشره بين القراء، بما يساعد فى النهاية على تعزيز حالة الثقافة فى أوساط المصريين.

وإذا كانت تلك مهمة ربما تقوم بها لجنة المعرض لتقييم هذه الدورة فى اجتماعها الأسبوع القادم وكذلك مهمة الناشرين لمعرفة أكثر الكتب مبيعا، كما أشار الكاتب يوسف القعيد فى مقاله الاثنين الماضى بالأهرام، فإنه ربما يبدو من المخاطرة محاولة التعرض لذلك الأمر من واقع انطباعات او أخبار سريعة أو جرى الإعلان عنها خلال فترة المعرض، وإن كانت تبقى مخاطرة مقبولة. وتكشف اتجاهات القراءة أنها تعكس بالأساس الرغبة فى اكتناز الكتاب، والمجاملة والخضوع لعملية الدعاية المكثفة وهو ما قد يبدو لك واضحا من الأمثلة الثلاثة التى نقدمها فى هذه السطور.

أبدأ بالمثال الأول المتمثل فى ذلك الخبر الذى أعلنه المركز القومى للترجمة ويتعلق بأكثر الكتب مبيعا له فى المعرض، الأمر الذى يثير الدهشة ويبعث على التساؤل، حيث أعلن المركز عن تصدر موسوعة «الهارمانيوطيقا» من ترجمة محمد عنانى الكتب الأكثر مبيعًا للمركز القومى للترجمة فى الأسبوع الأول من معرض الكتاب. من حق الدكتور أنور مغيث رئيس المركز بالطبع أن يشعر بالسعادة بوعى الشباب الذى تمثل فى تصدر الموسوعة الأكثر مبيعا باعتبار أن ذلك تتويج لجهد المركز أيا كان الاتجاه، لكن يبدو لى من الغريب وأتمنى أن أكون مخطئا أن تتوارى بقية اصدارات المركز وأغلبها رائعة وتتسم بالتنوع فى تناول مجالات المعرفة المختلفة لصالح هذا الكتاب الموسوعة الذى لا أشك لحظة أن مصيره رفوف الكتب كمرجع حين الحاجة إليه فقط!

أما ثانى الملاحظات فتتمثل فى تلك المتعلقة بصدور أول كتاب للواء سمير فرج بعنوان «أوراق من حياتي» ويضم عددا من المقالات التى نشرها فى صحف قومية وخاصة، وقد نفد الكتاب فى طبعته الاولى حسب بعض الأخبار. ومع كل التقدير للرجل وتاريخه وما قدمه فى مختلف المناصب التى شغلها، إلا أننا قد لا نختلف على أن الأمر يعكس حالة من «التوزيع الإنساني» أو بمعنى آخر الشراء بهدف المجاملة، بمعنى أنه يعكس عمليات شراء من قبل المحبين والمعجبين بالكاتب وتاريخه، خاصة بما هو معروف عنه من شخصية تحظى بتقدير الجميع، حيث إن كتب المقالات، كما هو معروف لدى مختلف المختصين بالنشر لا تلقى أى رواج باستثناء رموز معينة مثل حسنين هيكل.

ثالث الملاحظات تتعلق بما أشار إليه أحد الناشرين لكتاب يسمى «علاقات خطرة» للدكتور محمد طه، وهو يتناول أنواع وتفاصيل العلاقات الإنسانية التى قد تكون ضارة أو مؤذية لأصحابها ولمن حولهم وكيفية الوعى بهذه العلاقات وعلاجها وتجنب آثارها، وقد أوضح، والعهدة عليه، أنه طبع من الكتاب 53 ألف نسخة. وهذا الكتاب بشكل خاص يعكس قدرة الدعاية على تسويق الكتاب، حيث نظم الناشر حملة ترويجية ضخمة تضمنت حفلا كبيرا للشباب تم خلاله توزيع نسخ مجانية منه على الحضور. وبعيدا عن أى تعليق على مضمون الكتاب أو موضوعه أو طريقة تناوله، فلو صح ما ذكر بشأن حجم المطبوع من الكتاب، فإنه يشير إلى جانب من اهتمام القراء، خاصة الشباب.

لا شك أننا نظلم القراء كثيرا لو حصرنا نمط قراءتهم فى تلك الأمثلة المحدودة ولكنها فى كل الأحوال كاشفة عن اتجاه عدد غير قليل منهم، الأمر الذى يتطلب، كما أشرنا، مزيدا من الاهتمام بتحديد توجهات القارئ، فذلك بالتأكيد ملمح من ملامح الأمم المتقدمة، والدفع بها، إذا لم تكن كذلك، فى اتجاه التقدم.

[email protected]