رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خط أحمر



عاش الدكتور على السمان يدعو إلى الحوار بين الأديان، وعاش يتمسك به، وينشئ له لجنة، ويظل يدعو من خلالها إلى أن المشترك بين الأديان، خصوصًا السماوية منها، كثير، وأن المختلف فى المقابل قليل.. فلا شيء يجعلنا نتوقف عند المختلف ونهجر المشترك!
وكان يرحمه الله يؤمن بما يفعله، وبما يدعو إليه، وكان وهو يؤدى هذه المهمة لسنوات يتساند فيها على الأزهر الشريف، وكان قريبًا من الشيخ جاد الحق على جاد الحق، والدكتور محمد سيد طنطاوى، يرحمهما الله.. وكلاهما كان يساعده بما يستطيع، لعل الحوار يصل إلى الشاطئ الذى يجب أن يصل إليه!
ولأن الدكتور السمان عاش أغلب سنوات حياته فى أوروبا، فإن يقينه فى نجاح مسعاه كان لا يخالطه شك، وكان يرى فى باريس على سبيل المثال، حيث قضى الجزء الأكبر من عُمره، كيف أن الحرية تمثل قيمة عليا فى حياة الناس، وكيف أن أحدًا هناك لا يناقش أحدًا فى هذه القيمة، وكان يتمنى لو عاش إلى أن يرى اليوم الذى تكون فيه قيمة كهذه متحققة فى حياتنا على كل مستوى!
ولو كان بيننا اليوم، لكان أسعد الناس بالقمة الدينية التى انعقدت هذا الأسبوع فى العاصمة الإماراتية أبوظبى، بين الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبين البابا فرانسيس الأول، بابا الفاتيكان ورأس الكاثوليكية فى العالم!
لقد كانت قمة للمعانى الكبيرة فى حياة الإنسانية، أكثر منها قمةً بين رجل جليل جاء من القاهرة، وبين رجل جليل آخر جاء من الفاتيكان!
كانت قمة للمعانى لأن الشيخ الإمام دعا من هناك إلى حماية المسيحيين فى الشرق الأوسط، باعتبارهم شركاء فى أوطان، قبل أن يكونوا أصحاب دين مختلف.. إنهم مواطنون فى بلدهم، ومن شأن المواطنة أن تجعل للإنسان مكانًا على أرض وطنه، يتساوى فيه مع كل انسان آخر يشاركه الأرض نفسها.. أما دينه الذى يؤمن به فهذه مسألة تخصه، ثم إنها بينه وبين الله تعالى!
وكانت قمة للمعانى الكبيرة لأن البابا فرانسيس وقف من فوق منصتها يقول ما معناه، إن الحرية الدينية ليست حرية العبادة وفقط، ولكنها حرية كل بنى آدم فى أن يعيش على بساط من الأخوة الممتدة، بينه وبين كل شريك له على الأرض الواحدة.. فلا شيء يبرر أن ترى فى شريكك فى الوطن خصمًا، لمجرد أن ديانته ليست هى ديانتك.. إن الإنسانية وعاء أرحب، وأوسع، وأشمل، وفى إمكانها أن تضمك مع الآخرين فى رباط، فتجعلك أقرب إليهم، وتجعلهم أقرب إليك!
ومن المهم فيما بعد هذه القمة الاستثنائية، أن تنتقل مثل هذه المعانى من دائرة الشيخ الإمام، إلى كل مسلم فى أنحاء العالم، ومن حيز البابا إلى كل مسيحى فى كل مكان، لأن يقين الرجلين لا بد أن يكون يقينًا فى أعماق كل إنسان!