رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوال مصرية

"إن كنت تبحث عن مسكن الروح فأنت روح، وإن كنت تفتش عن قطعة خبز فأنت خبز، وإن استطعت إدراك هذه الفكرة الدقيقة فسوف تفهم أن كل ما تبحث عن هو أنت".. جلال الدين الرومى، وقال شكسبير "أعطنى المرأة وفيها سأقرأ"، كما قال فيتجنشتاين "الجسد الإنسانى هو أمثل صورة للروح الإنسانية"..

 تلخص تلك العبارات إشكالية الجسد الإنسانى عبر العصور، وهو ما تناولته الباحثة سارة عز الدين فى كتابها المهم الذى صدر مؤخراً بعنوان: «الأنا المتجسد.. دراسة فى فينومينولوجيا الجسد» وقد صدر الكتاب عن الهيئة العامة لقصر الثقافة أواخر العام المنصرم 2018 ويقع فى «418» صفحة من القطع الكبير ويضم أربعة فصول، ويبحث الكتاب عن ماهية الجسد، موضحاً أن تاريخ الجسد هو تاريخ فهم الإنسان لذاته وعالمه، إذا أصبحت مقاربة الجسد مطروحة للنقاش بقوة في الخطاب الفلسفى المعاصر، وقد امتد الاهتمام بموضوع الجسد وإشكالاته المختلفة الى العديد من الحقول المعرفية الأخرى، الأدبية والفنية والاجتماعية والسياسية بل والعلمية أيضاً، وبعد أن كان موضوعاً مسكوتاً عنه، اصبح اكتشافه الآن موضوعاً ملحاً لأنه يرتبط بالتاريخ، وتوضح المؤلفة أن فهم الجسد يمثل عوناً لفهم علاقة الانسان بجسده ومن ثم فهمه  لذاته فى عالمنا المعاش، فإشكالية الجسد ليست مجرد اشكالية فينومينولوجية بين اشكاليات أخرى، وانما هى السؤال الذى يأخذنا مباشرة الى معنى الفينومينولوجيا بوصفها فلسفة،  فمهمة الفينومينولوجيا التأسيسية هى فهم الإنسان لذاته وفهم ما «ما يكونه» الانسان.

ويكشف الكتاب أن مفهوم الجسد يتطلب اعادة النظر فى كل المفاهيم الاستهلاكية التى تشى وتجعل منه مجرد سلعة ومظهر يجب الاعتناء به دون فهم للروابط الوجودية لهذا المظهر بكل ما هو انسانى وروحى وعاقل، وتذكر الباحثة أنه يمكن التعويل الى حد كبير على مفهوم "الانا متجسد" لفهم ماهية الوجود الانسانى ويمثل الجسد الحزمة المترابطة لكل ما هو انسانى تتجلى فيه الوحدة العينية للجسم والروح والعقل والوعى، وبالرغم من أن الجسد الانسانى كيان مرن قابل للتطور والتشكل الاجتماعى والثقافى فإنه لا توجد فروق فردية جذرية تمنع من صياغة مفهوم وصفى للجسد من الناحية الفينومينولوجية ولا يعنى تناول الجسد من الناحية الوصفية باعتباره مركز الكون  ومحور العالم نزوعاً نحو المركزية المتعالية بالمعنى المثالى، فالجسد يسهم فى تشكيل المكان المعيشى «لا المكان الموضوعى» ويعد المكان بعداً محورياً للجسد، كما ان الجسد يعد نقطة ارتكاز للمكان، فضلاً عن أن العلاقة بين العالم والجسد علاقة تشكيل متبادلة وليست علاقة متعالية من اتجاه واحد، فكلاهما يتجه نحو الآخر بالقدر نفسه.

كما تكشف  الدراسة انه لا يمكن صياغة نظرية لغوية متكاملة دون دراستها من منظور الجسد، اذ يسهم الجسد اسهاماً جوهرياً فى تشكيل اللغة الانسانية، سواء اللغة المنطوقة أو غير المنطوقة، وأن الإيماءة فى كونها عنصرا لحظياً ومكانياً هى لغة فى حد ذاتها، وأن كل تعبير هو تعبير متجسد، وكل جسد هو جسد معبر بالضرورة، وأن الجسد نسيج تتشابك بنيته الانطولوجية والابستمولوجية والتعبيرية والوظيفية فى خبرة إنسانية معيشيه واحدة هى خبرة الوجود المتجسد فى العالم.