رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

الخلاف حول مفهوم حقوق الإنسان خلاف قديم خاصة بين الدول الإسلامية والغربية، يعود إلى نهاية أربعينات القرن الماضي إثر إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث تحفظت عليه بشكل رئيسي الدول العربية والإسلامية انطلاقا من أنه لم يراع خصوصيتها الثقافية والإجتماعية. وفي مواجهة هذا الأمر تم تقديم رؤية إسلامية  لحقوق الإنسان تراعي هذه الخصوصية في محاولة للتواؤم مع الرؤية العالمية – الغربية في الأساس – حول المفهوم.

وفي ضوء عمليات كر وفر تأتي في خلفيتها بالأساس الاعتبارات السياسية، ظل الأمر موضع تنازع صامت أحيانا وصارخ أحيانا أخرى وكان العامل الحاكم بالأساس في مختلف المراحل هو مدى الرضاء الضمني عن سلوك الدولة محل الإنتقاد، حيث كان يجري تغافل انتهاكات حقوق الإنسان لو كانت الدولة تساير الرؤية الغربية والأمريكية تحديدا بشأن قضايا السياسة الدولية والعكس.

على مستوى مصر من الواضح أن القضية اتخذت في السنوات الخمس الأخيرة بعدا مختلفا، لا يتعلق بالخلاف حول القضية على أساس ديني إسلامي وإنما على أساس سياسي، وفي الوقت ذاته فإنه من الواضح أيضا أن الخلاف يكاد ينحصر بشكل رئيسي مع فرنسا، وهو أمر مثير للتساؤلات لا يملك صاحب هذه السطور له إجابة!

فقد أثيرت هذه القضية خلال زيارة للرئيس السيسي لفرنسا وعمل الرئيس خلال مؤتمر صحفي عقده آنذاك على توضيح ما اعتبره رؤية مصرية لهذه القضية، وكان من الواضح أن الرئيس ماكرون حاول استيعاب أي تطورات سلبية للتطرق بالتفصيل لهذه القضية بالإشارة إلى حرص بلاده على عدم التدخل في شئون الدول الأخرى.

غير أن القضية أثيرت مجددا خلال زيارة ماكرون للقاهرة، على نحو بدا للبعض أنه يكاد أن يهدد بحدوث أزمة في علاقات الدولتين، حيث اختزلت بعض وسائل الإعلام العالمية الزيارة في كونها تمحورت حول تأكيد الرئيس الفرنسي للقيادة المصرية على ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام لحقوق الإنسان، والمقصود هنا بشكل أساسي حرية التعبير أو ما يدخل في نطاق توسيع نطاق الحريات السياسية، الأمر الذي ترى فرنسا وبعض الدول الغربية أنه فريضة غائبة في مصر، وإن كانت باريس بشكل أساسي كما أشرنا تبدو الفاعل الرئيسي في إثارة هذا الملف.

القيادة المصرية من ناحيتها ترى عدم ضرورة فرض رؤية معينة على المفهوم تنطلق من الحالة الغربية، وأن المفهوم ينبغي توسيعه ليشمل الاحتياجات الأساسية في الحياة مثل حق التعليم والحق في حياة كريمة، باعتبار ان حرية التعبير ربما يكون ترفا في ظروف دولة كمصر، وربما مثل هذا الموقف نوعا من الإقرار الضمني بوجود قصور في الجانب الذي يحظى بانتقاد فرنسا خاصة والغرب عموما المتعلق بحرية الرأي والتعبير في مصر. وترى القاهرة ضرورة توسيع نطاق المفهوم ليشمل مثلا حق الإنسان في مواجهة الإرهاب، وهو الأمر الذي وصل لحد محاولة إدراجه كبند أساسي ضمن الرؤية الدولية لحقوق الإنسان، هو موقف يرد عليه تحفظ مؤداه أن مفهوم حقوق الإنسان يتعلق بقضايا تتمتع بصفة الديمومة فيما أن الإرهاب ظاهرة مؤقتة مرتبطة بظرف سياسي محدد. 

على هذه الخلفية من المتصور، بل من المطلوب أن يتم التعامل مع الأمر بصدر واسع وبروح تقوم على مبدأ قبول الإختلاف والتجاوز عن الحساسيات الزائدة، والتشنجات التي بدت في ردود أفعال البعض على موقف ماكرون حيث أكد الرجل في النهاية أن بلاده لا تملي على أحد ما يجب ان يفعله، وكان رد مصر أنها تفهم ما يقوله وأن مبررها أنها تقوم بإصلاح شامل وأن هناك فرقا بين حرية الرأى وهدم الدول.

من حق ماكرون قبول ذلك الطرح ومن حقه ألا يقبل، ومن حق مصر أن تعرض ما تراه مناسبا، وإن كان ذلك في أي الأحوال يجب ألا يجعلنا نغفل عن أن الدفع بحرية التعبير والرأى يجب أن يكون ضمن أولوياتنا باعتبار ذلك من الحقوق الأساسية للإنسان .. حتى لو تم ذلك بعد حين ..! هذا بعيدا عن وجود إنتقاد من ماكرون أو غيره من عدم وجود مثل هذا الانتقاد.. فمصر المستقبل لا يمكن أن تكون وتحتل وضعها بين الأمم سوى باكتمال منظومة حقوق الإنسان في شكلها الأمثل!.

[email protected]