رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فين؟

سيدة البلكونة بالمناسبة لا هى قاتلة ولا مجرمة ولا تكره أطفالها.. غيروا ثقافة المصريين أولاً قبل أن تحاسبوها أو تحبسوها.. هكذا تتصرف النساء فى الأحياء الشعبية.. قبلها حبست الأم أطفالها فى الطالبية.. لأنها تذهب للعمل، أو لأى شيء ثم تعود، وتضع لهم الأكل والشرب وتغلق الباب عليهم.. فلما اشتعلت النيران والتهمتهم، قالت يعنى كنت أوديهم فين؟!

قطعاً ليست هذه أول مرة تطلب الست هند والدة «طفل البلكونة» منه أن يأتى لها بمفتاح الشقة، أو يفتح لها من بلكونة الجيران.. لا هى تشعر بأى ذنب، ولا الجيران قالوا ميصحش كده.. أمور عادية جداً تحدث فى البيوت.. ممارسات يومية تمارسها حتى الأمهات المتعلمات، يغلقن الباب على الأطفال، ويذهبن لشراء الحاجات،  يضعن لهم الطعام مثل القطط!

كان الحل الأسهل هو «تنطيط» الأطفال من البلكونات.. مع أنها كان من الممكن أن تستعين بنجار يغير الكالون.. أمهات كثيرات يأخذن الأطفال من الآباء، ويغلقن البلكونات والنوافذ بالحديد.. وإذا شب حريق سوف يلتهم الأطفال.. وتقول الأم: كنت خايفة عليهم.. السؤال: اشمعنى المجتمع تحرك لإنقاذ طفل البلكونة، مع أن ملايين الأطفال مشردون تحت الكبارى؟!

المفاجأة أن الست المسكينة أم «طفل البلكونة» هى أمه التى تحبه.. وهى التى تقضى يومها فى البحث عن لقمة عيشهم.. ليست زوجة الأب كما قيل.. ولا تكره أطفالها.. نحن شعب يهزر بالضرب.. ويلعب بالضرب.. والأطفال يقولون بعد ضربهم «موجعتنيش».. ونتعلم بالضرب.. ونأكل بالضرب.. ونذهب إلى المدارس بالضرب.. هذه هى ثقافتنا الغريبة للأسف!

وأنا أخشى أن تنتهى القصة ولا نتعلم الدرس.. وأخشى أن تمر الواقعة دون أن نتحرك لوضع قانون للطفولة المشردة والمعذبة.. نحن نجاهد منذ سنوات لنغير قانون الأطفال فى الرؤية والحضانة والمشاركة.. ملايين الأطفال يعذبون ولم ينتفض المجتمع لحماية جيل المستقبل.. عندنا التربية شيء آخر.. يتخيل الآباء والأمهات أن القصة هى توفير المأكل والملبس فقط!

أعلم أن النيابة أخلت سبيل الأم.. ربما شددت عليها مراعاة أطفالها.. ربما لم تعرف النيابة ماذا تفعل؟.. هؤلاء الأطفال محظوظون.. إنهم يأكلون ويشربون ويذهبون للمدارس.. عندهم بيت يحتمون به وأربع حيطان.. عندهم شقة ضاع مفتاحها.. ولو حبستها النيابة سيضيع الأطفال أنفسهم.. كانت النيابة أرحم من الإعلام.. تركته يزيط وينصب المشنقة!

وأخيراً، هذه سيدة قليلة الحيلة.. تعمل بالأجر.. وتتقاضى 300 جنيه فى الشهر.. تسرح منذ الصباح حتى المساء.. تربى أطفالها وتحبهم.. بلاش زيطة والنبى.. غيروا ثقافة الناس أولاً.. علموهم أن الحكاية ليست الأكل والشرب.. اعملوا برامج للتوعية والتثقيف.. وقدموا خدمة حقيقية للمجتمع!