رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

ونحن نحتفل اليوم بالذكرى الثامنة لثورة 25 يناير 2011 فإن من المفارقات اللافتة للنظر التي يمكن أن يلمسها أي متابع للمشهد السياسي المصري بعد الثورة هو ذلك التحول الكبير في التعامل مع هذا الحدث على نحو يعزز مقولة «إنما الأعمال بخواتيمها»!

لقد فقدت الثورة زخمها على مستويات عدة إن لم يكن على جميع المستويات، بشكل يمكن معه القول حقيقة إنها أصبحت في خبر كان. صحيح أن ذلك لم يتم بين يوم وليلة وصحيح أن الكثيرين من المتابعين عن قرب لمسار الثورة نبهوا لذلك منذ البدايات، إلا أن حجم التغير في النظر لما جري يتطلب وقفة لعلها تكون بمثابة جردة حساب ليس فقط لتقييم ما جرى وإنما لتحديد ما يمكن أن يتم في المستقبل.

كنت قد كتبت في السنة الأولى للثورة في الإشارة إلى قوتها وسطوتها، مشبها موقف الرافضين لها بموقف المنافقين في صدر الإسلام الذين لم يجدوا أمامهم سوى التعبير عن قبولهم الإسلام علنا فيما تمور قلوبهم بالرفض له.

ليس المجال هنا محاولة لتحليل أسباب ذلك التحول فذلك متعذر لأسباب تتعلق بالمساحة وأسباب أخرى قد لا يكون الخوض فيها مسموحا به أو قد يدخل في نطاق المرفوض التصريح به، لكن المظاهر تبدو كاشفة لتحول ثورة يناير إلى مطية لكل «مشتاق»، متصورا أن ذلك ربما يكون البوابة الملكية للعبور إلى طموحاته!! وبعد أن كان المعارضون للثورة يتوارون خجلا مثل المفطر في نهار رمضان، أصبح هؤلاء يمعنون في الإعلان عن موقفهم لتعزيز الانطباع بفكرة أن يناير كانت أي شىء آخر بدلا من كونها ثورة.

ولعل تحليل الخطاب الإعلامي المصري بكل مستوياته ونوعياته من مكتوب ومرئي، وتحليل الخطاب السياسي يشير إلى محاولة تحويل يناير في الوعي المصري العام إلى «نكسة» أو «وكسة»، وأنها لم تكن سوى مؤامرة دبرت بليل من قبل بعض الأطراف التي لا تريد الخير لمصر، ويتم الاستعانة هنا للترويج لهذا الفهم وتلك الرؤية بما حدث في دول الجوار العربي من انهيار أدى إلى تفكك بعضها، بشكل يتم معه استبدال مفهوم «الربيع العربي» بآخر هو «الخريف العربي».

ويتغافل أصحاب وجهات النظر تلك - إن اعتبرنا ما يقدمونه وجهات نظر ولا تتجاوز ذلك إلى أشياء أخرى - عن الكثير من الحقائق، منها أن المناخ السياسي العام في مصر قبل الثورة كان يشير إلى حالة غضب عارمة تنذر بانفجار رصده الكثيرون في كتاباتهم، بل وفي تقاريرهم سواء الرسمية أم غير الرسمية، فضلا عن سرعة التفاعل الرسمي من قبل أجهزة الدولة المختلفة وعلى رأسها الجيش وهو ما كان يشير إلى أن الأمر يتجاوز تخطيطا من الخارج إلى مستوى كونه تحركا شعبيا واسعا.

لا نريد أن نخوض في التفاصيل والسجال بشأن ما جرى، غير أننا نشير إلى أن الموضوعية تقتضي الإشارة إلى أنه بالطبع جرت محاولة استغلال الحدث من قبل أطراف خارجية لمصلحتها وتلك طبيعة العلاقات الدولية غير أن اختزال ما حدث فقط في كونه مجرد مؤامرة أمر يتجاوز الحقيقة ويشكك في دوافع من يردد ذلك ويسعى للترويج له.

على وقع هذا الفهم وعلى وقع ما يجري من محاولات لتشويه 25 يناير فإن السؤال يتمحور عن وضعها في المنظور العام للدولة ذاتها؟ الوقائع تشير إلى أنها بهتت في ذلك المنظور، الأمر الذي يعتبره البعض انعكاسا لاتساع موجة انتقادها، غير أنه على المستوى الرسمي فإن يناير ما زال ثورة يجرى الاحتفال بها كل عام بمنح اجازة رسمية لكافة العاملين، وربما يعزز من الاحتفال ويقوض مساعي البعض لإلغاء تلك الإجازة أنها تتوافق مع ذكرى عيد الشرطة.

غير أنه بعيدا عن هذا الجانب الشكلي، فإنه في ظل تصاعد الهجوم على 25 يناير يبقى المحك الحقيقي في ظل دعوات البعض لتعديل الدستور ودعوات آخرين لصياغة دستور جديد، هو هل ستبقى يناير إلى جانب 30 يونيو في الدستور، أم أن الأمر قد ينتهي إلى إدخالها دائرة النسيان أو الإلغاء والاكتفاء فقط باعتبار يونيو فقط الثورة التي قام بها المصريون؟! أيا كان فإن ذلك لا ينفي أن 25 يناير أصبحت بمثابة الرجل المريض الذي يوشك على الموت في أي لحظة.. إن لم يكن في منظور البعض قد مات بالفعل!!

[email protected]