رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نقطة ساخنة

 

 

عندما خرج الملك فاروق من مصر مطروداً، هو وأفراد عائلته بعد انقلات 23 يوليو 1952.. لم يحمل الرجل معه قصوره وممتلكاته وثرواته أو حتى مجوهرات شقيقاته.. ترك كل شىء ناجيًا ببدنه وبأفراد عائلته.. وبكرامته أيضاً.. رفض الملك المراوغة أو المقاومة حتى لا يسال دم مصرى واحد.. ولم يسمحوا له بمغادرة البلاد قبل أن يتنازل عن العرش لابنه الرضيع أحمد فؤاد.. وضعوه فى الباخرة المحروسة متجهًا إلى منفاه فى إيطاليا ليواجه مصيره.. وهناك عاش الملك مع أفراد عائلته حياة بائسة حتى مات مسمومًا بعد تناوله وجبة غداء فى أحد مطاعم روما.. وقد وجهت أصابع الاتهام إلى أحد رجال جمال عبدالناصر بتهمة قتل الملك.. ليس هذا فقط، بل قامت الآلة الاعلامية لجمال عبدالناصر بحملات شرسة لتشويه صورة الملك.. اتهموه بالفساد، وإدمان الخمور، وبالمغامرات النسائية، والعبث بمقدرات الشعب.. زيفوا تاريخ الملك فاروق وقالوا عنه ما لم يقل مالك فى الخمر.

الآلة الاعلامية التى أطلقها جمال عبدالناصر، ضد الملك وأسرته، كانت أقوى من أى صوت يحاول الدفاع عن الرجل الذى قرر أن يعيش فى الظل.. وفى المنفى الإجبارى لم يمارس الملك فاروق أى نشاط سياسى.. ولا أى ضغوط لإمكانية العودة إلى كرسى العرش.. ولم يعلن الحرب على الذين انقلبوا عليه واستولوا على ثرواته وممتلكاته وطردوه شر طردة دون أن يحمل معه بعض الأموال التى تعينه على مواجهة أعباء الحياة فى المنفى أو العيش بكرامة.. أخرجوه هكذا يا مولاى كما خلقتنى!!

ثم اكتشف المصريون بعد سنوات طويلة من طرد الملك فاروق.. أن الرجل لم يكن زير نساء كما ادعوا.. ولم يكن يتناول الخمر كما أشاعوا.. ولم يسرق جنيهًا واحدًا من خزانة الدولة.. ولم يهرب أمواله إلى بنوك أوروبا كما فعل الكثيرون من رجال  عبدالناصر ، ورجال   السادات ، ورجال حسنى مبارك.. بل اكتشف المصريون أن بريطانيا فى عهد الملك  فاروق  كانت مدينة بما لا يقل عن 500 مليون جنيه استرلينى.. وأن الجنيه المصرى كان يساوى 4 دولارات.. وأن مخزون الاحتياطى من الذهب فى البنك المركزى المصرى يفوق كل التوقعات.. وأن القاهرة كمدينة كانت أفضل من باريس، وأن الاقتصاد المصرى كان أقوى من اقتصاد بلاد كثيرة فى أوروبا وآسيا ممن يقال عنهم الآن انهم نمور اقتصادية!!

بعد رحيل الملك  فاروق  فى إيطاليا قرر ابنه الملك أحمد فؤاد وأفراد العائلة أن يواجهوا الحياة بصلابة وعزة نفس.. الأسرة كلها كانت تعمل وتكد وتكدح من أجل الحصول على لقمة العيش.. والعيش بكرامة.. لم يمدوا أيديهم لأحد.. ولم يشكوا لأحد.. ولم يرفعوا قضايا ضد مصر للمطالبة بممتلكاتهم ومجوهراتهم التى نهب معظمها.

تذكرت كل هذا وأنا أشاهد فيديو لحفل زفاف الأميرة  فوزية  ابنة الملك أحمد فؤاد وحفيدة الملك  فاروق  فى مطلع هذا الأسبوع بشقة والدها فى جنيف بسويسرا حيث يقيم.. الحفل كان بسيطًا ومتواضعًا مثلما تفعل كثير من أسر الطبقة المتوسطة فى مصر.. الحفل كان على الطريقة المصرية البسيطة جداً، وعلى موسيقى لأغانى الفنان الراحل فريد الأطرش.. وحرصت الأميرة  فوزية  أن تضع غطاء للرأس أثناء عقد القران احترامًا لهذه المناسبة العظيمة.

لم يكن حفل زفاف الأميرة  فوزية  مثلما نشاهد الآن من حفلات لأبناء ملوك ورؤساء وأثرياء العرب والمصريين، التى تقام فى قصور مزينة، يستدعى إليها كبار المطربين والراقصات وتقام فيها الموائد التى تتميز بالسفه والاستفزاز وتنفق فيها مئات الملايين من الدولارات.. بينما يعانى الملايين من شعوبنا من الجوع والفقر والعوز.

مبروك للأميرة المتواضعة فوزية.. ورحم الله الملك فاروق.