عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

وجهها الأبيض المشرب بالحمرة يؤكد قدر الجمال الذى تحمله، لكن للأسف لا تحمل حظاً من التعليم قدر جمالها، شأنها شأن الكثير من بنات قرانا الطيبة التى تعتمد على جمال الفتاة كجواز مرور إلى بيت الزوجية، دون الاهتمام ببناء شخصيتها بالتعليم، والاكتفاء بالقليل منه سواء بالمرحلة الإعدادية أو بالدبلوم الفنى المتوسط، وهو ما حصلت عليه تلك الفتاة، وجلست فى بيتها فى انتظار ابن الحلال، حتى جاءها متمثلاً فى فرصة عظيمة وفقاً لاعتقادها هى وأسرتها، رجل يعمل فى هولندا منذ سبعة أعوام ويقيم هناك، وبين وقت وآخر يقضى إجازة أسبوعين فى قريته بين أهله، وقد رشحها له الأهل، واعتقدت الفتاة أنها فرصتها الرائعة للخروج من مساحة القرية الضيقة وحدود الأهل المحدودة إلى آفاق واسعة ودولة أوروبية لم تحلم هى ولا أسرتها برؤيتها أو العيش بها.

وتم الزفاف، وأعد لها الزوج غرفة فى بيت أهله، ووافقت الفتاة وأسرتها، وتعلل الرجل أن بيته الأساسى يعد بهولندا، وهو مؤسس على أحدث طراز، ولا حاجة لإنفاق مدخراته فى تأسيس بيت كامل بمصر إلا حين يقرر العودة نهائياً من هولندا، وهكذا قبلت العروس بأقل القليل، من الشبكة والمهر بل وأيضاً مؤخر الصداق وقائمة «العفش»، فقد كانت أنظارها وأسرتها متجهه إلى هذا الرجل الذى يرتدى ملابس مهندمة، ويحمل لهم الشيكولاته التى لم يتذوقوا طعمها من قبل، وبعض الهدايا، وحلمت بعيشة طيبة، وبعد الزفاف بقيت العروس بمنزل أسرة زوجها أشهراً طويلة، فيما سافر هو لحين إعداد أوراق سفرها، وتحولت هى إلى مجرد خادمة فى بيت العائلة، لأنها زوجة الابن الأكبر، وعليها تحمل كل المسئوليات لمساعدة الأم المسنة والأب المريض.

وضجت العروس من الوحدة، وبدأت تبعث له برسائلها، وبرغبتها فى مرافقته، والعيش فى كنفه، وكان يتعلل كل مرة بعدم استيفاء الأوراق، وطلب منها تعلم اللغة الهولندية حتى تتمكن من السفر اليه، ولكن قدراتها وظروف القرية لم تمكنها بالطبع من تعلم اللغة والمجىء للقاهرة للالتحاق بالمعهد الهولندى، فكانت فكرته للتحايل على مشكلة اختبار اللغة الذى تشترطه السفارة الهولندية لمنحها تأشيرة السفر أن لجأ إلى طبيب «معرفة» حصل منه على شهادة تؤكد إصابة زوجته بإعاقة فى النطق والسمع، وبالتالى لا يمكن لها أن تؤدى أى امتحان فى اللغة الهولندية أو أى لغة أخرى.

وهكذا تم تمرير الأوراق وسافرت العروس بعد قرابة عامين لزوجها، لتجد نفسها تقريباً وكأنها لم تغادر قريتها، فقد تم حبسها فى المنزل الصغير البسيط والذى لم يكن مؤسساً على أحدث طراز كما أوهمها زوجها، وأصبح ليلها كنهارها، لا تفعل شيئاً فى الحياة سوى الانتظار، انتظار زوجها أن يعود من عمله فى السادسة والنصف مساء، بعد أن ينتهى من عمله، ولا أى شىء جديد لا بشر ولا لغة، وعندما ضجت من حياتها وعزلتها، عرَّفها على أسرة مصرية قريبة من منزلهما، وكانت هذه الأسرة هى مصدر المعلومات التى صدمتها وزلزلتها، أن زوجها لديه صديقة هولندية، وكان متزوجاً منها ليحصل على الجنسية، وطلقها طلاقاً مدنياً بعد الحصول على الجنسية ولكن لا تزال علاقته بها قائمة.

ثارت صرخت انهارت، خيَّرها بين أن يطلقها وتعود لأهلها بخفى حنين، أو أن تقبل الوضع، وقال القدر كلمته حين اكتشفت أنها حامل، فكيف يمكنها العودة لقريتها بطفل، وهى لا تضمن أن ينفق عليها وعلى طفلهما، وأسرتها بسيطة ولا تملك من حطام الدنيا شيئاً، وهكذا قبلت بوجود الأخرى، ومع تكشف الحقائق، بات زوجها يتركها أيضاً ليالى عديدة ويبيت لدى الأخرى، تقول لى.. أعيش ولست متزوجة ولا مطلقة، وهبت حياتى لابنى، عمره الآن خمسة أعوام، أعيش بلقمتى، ولا أعرف ماذا يحمل لى الغد، لا أعرف لغة هولندا ولا أعرف كيف أحمى حقوقى وحقوق ابنى، حتى لو مات زوجى.. ماذا أفعل.. وللحديث بقية

[email protected]