رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعلّ وعسى

 

يستلهم المخطط الأمريكى تصوره لحكومة العالم من تجارب إمبراطوريات التاريخ القديم خاصة الرومان الذين تمكنوا تحت حكم الإمبراطور أغسطس من تحقيق الاستقرار لحكمهم لفترة طويلة بفضل ترويض الناس على مفهوم حضارة واحدة تحت مظلة حكومة واحدة بامتلاك التفوق فى تقنيات الزراعة واحتكار منتجاتها فكانت مصر هى سلة غذاء العالم القديم بالكامل، وهذا الحلم يداعب خيال الإمبراطورية الأمريكية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى معتمدة على أركان ثلاثة هى القيادة والثروة والتنظيم فكانت البداية القوية بمشروع مارشال وبرنامج الغذاء للسلام بهدف توفير الدعم الاقتصادى للقطاع الزراعى الأمريكى وتحقيق أهداف السياسة الأمريكية فى إرغام الشعوب على الاعتماد على الغذاء الأمريكى فمصر التى كانت قديما سلة غذاء العالم واعتماد الرومان عليها فى تحقيق حلمهم بالسيطرة على العالم القديم أصبحت مصر الآن تعانى من فجوة غذائية بنسبة لا تقل عن 60% نتيجة فقدان أكثر من ربع مليون فدان خلال العقدين السابقين وتخلف البنية الزراعية وعلى أرض الواقع نجد أن جوانب الفجوة الغذائية متعددة أهمها أن مصر تستورد 8 ملايين طن قمح تمثل 50% من الإنتاج المحلى وفجوات أخرى فى الزيوت الغذائية والبقوليات والألبان واللحوم وهو ما ينعكس على زيادة العجز فى الميزان التجارى المصرى ولكن الأخطر هو تأثير هذه الفجوة على الصحة العامة للمصريين والزيادة فى تكلفة الدواء.

نتائج بعض الدراسات التى تمت مؤخرا باستخدام الأقمار الصناعية والتى أكدت تآكل الاراضى الزراعية فى محافظات مصر بنسب متفاوتة فكانت حوالى 20% فى محافظة كفر الشيخ و 15 % فى محافظة الدقهلية مع توقعات بفقدان خمس مساحة الدلتا نتيجة الزحف العمرانى الرهيب خلال السنوات العشرين القادمة وآلاف الأفدنة فى صعيد مصر وهو أمر شديد الخطورة على أمن مصر القومى لأن ما سبق سيكون سببا فى ارتفاع أسعار المنتجات والمحاصيل الزراعية وزيادة الفجوة الغذائية أكبر وأكبر والاعتماد على الخارج أكثر وأكثر وهو ما يبرهن استحواذ الإمبراطورية الأمريكية على أكثر من 50% من ثراء العالم معتمدة على أن القوة تستمد من الثروة. مطلوب من الإدارة المصرية الآن أكثر من اى وقت مضى الوقوف بقوة أمام هذا المخطط الأمريكى الذى يسعى لاحتكار البحث والتطوير للتكنولوجيات المتقدمة والتعليم الفنى خاصة الزراعى ولا ننكر التخطيط الاستراتيجى الرائع الذى تبنته الدولة بالإعلان عن خطة طموحة باستصلاح 4 ملايين فدان لمواجهة الفجوة الغذائية المدبرة لدول العالم ولكن كانت التحديات الداخلية كبيرة أهمها أننا نحتاج 50 مليار متر مكعب من المياه وزيادة وعى المصريين بالخارج فى تحويل تحويلاتهم لمشروعات إنتاجية ذات قيمة مضافة بعيدا عن توجيهها لبناء مبانى وفيلات وقصور على أراضى زراعية كانوا يتمنون المشى فيها وجنى ثمارها فى يوم من الأيام، لعل ذلك تكون نقطة البدء فى تقليص الفجوة الغذائية وتقليل معدلات التصحر التى وصلنا فيها للمرتبة الأولى عالميا والتصدى للهيمنة الأحادية بتفهم كامل لعناصر الاستراتيجية الأمريكية وتحفيز منظمات المجتمع المدنى فى القيام بدورها الأساسى فى التنمية جنبا إلى جنب مع الحكومة وإحداث صحوة فى الضمير المصرى بالارتكاز على عوامل التراكم الثقافى والتاريخى للحضارة المصرية التليدة، عسى أن نكون سببا فى إحداث صحوة فى الضمير العالمى.

اللهم إن النيل ما زال يفيض وإن الوادى ما زال ينبت وإن الشمس التى أنضجت أذهان الفراعين لا تزال تشع فما بالنا اليوم تكسونا أغطية الغفلة دون غيرنا وتضمحل قيمنا دون غيرنا وينهار تعليمنا دون غيرنا وتزداد فجوتنا الغذائية دون غيرنا!

*رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام