رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

إشراقات

 

 

أعجب دائماً بقصص الكفاح.. وإعجابي أكثر بالعصامي الذي بدأ من الصفر..وربما تحت الصفر.. وأحب سماع قصص حياتهم.. وكيفية بداياتهم ونبوغهم.. وفي القطار.. تجاذبت أنا وجاري في المقعد الملاصق أطراف الحديث.. وبدأ الرجل يروي ليّ جانبًا..  سعيد بحديثه.. وكأنني أستمع لأغنية من «أم كلثوم».!!

فقال الرجل تخيل يا أستاذ.. أنني ظللت سنوات وسنوات.. أخرج من عملي الحكومي.. للعمل في مقلة لب.. وﻻ أعود لبيتي قبل منتصف الليل.. لأنام خمس أو ست ساعات.. لأستيقظ في اليوم التالي لأذهب لعملي الحكومي.. طبعاً كحياة أغلب المصريين!!

لم أرتكن لهذا الوضع.. وحاولت تطوير نفسي وحياتي أكثر.. فأخبرت زملائي في العمل الحكومي.. بطبيعة عملي في«مقلة اللب».. وعرضت عليهم شراء اللب والسوداني.. ولو بالبيع الآجل يعني ع النوتة كما يقول عوام الناس!!

وبدأت أشتري اللب والسوداني بسعر الجملة.. وأقوم أنا وزوجتي بتعبئته في قراطيس وأكياس.. مما زاد من مكسبنا.. وكل يوم والتاني أكسب زبائن جديدة..بحُسن تعاملي مع الزبائن وزملاء العمل.. حتى توسعت تجارتي الصغيرة.. وفكرت في عمل مقلة لب خاصة بيّ.

وبالفعل وجدت محلًا صغيرًا.. بدأت به العمل بكل عزيمة واجتهاد.. كل ذلك بجانب عملي الحكومي.. واليوم كافأني ربي.. وأصبحت صاحب عدة محلات وفروع.. لبيع اللب والسوداني.. بل وأصبحت بمثابة تاجر جملة.. أوزع على محلات الآخرين اللب والسوداني.. حتى أصبحت بفضل الله.. واحداً من كبار التجار في هذا المجال.. وحتى الآن لازلت أحتفظ بعملي الحكومي.. والاهم من ذلك بالحقيبة التى كنت أحملها على ظهري.. لأوزع فيها أكياس اللب والسوداني..على زملاء العمل.. وأضحك حتى يسيل الدمع من عيني.. كلما قالت ليّ زوجتي وأولادي.. يعني لازم تحتفظ بها.. علشان تفكرك بأيام الفقر والضنك.. لأرد عليهم بل لتذكرني بقصة كفاحي في الحياة.. حتى أوفر لكم تلك الحياة الكريمة..التى تعيشون فيها الآن!!

قصة حياة عادية.. مثل قصص حياة الكثير من المصريين.. تروي لنا كيف يكافح الإنسان ويناضل.. بل ويحفر في الصخر.. من أجل توفير حياة كريمة لأولاده وأسرته!!

والآن قد تسألني لماذا أروي لكم جانبًا.. من كفاح صاحبي في القطار؟!

أرويها حتى يفهم شبابنا.. أن الجلوس طوال ساعات النهار والليل.. على القهاوي لا يبني مستقبلًا.. وﻻ يقيم حياة.. وأن السماء ﻻ تمطر ذهباً أو فضة.. وأن انتظار العمل سنوات وسنوات.. ﻻ نهاية له إلا ضياع الحياة.. وتسرب سنوات العمر.. سنة وراء سنة.. حتى يفاجئه المشيب.. وهو جالس في انتظار العمل المناسب.. والذي ربما لن يأتي أبداً.

فقديماً قال الحكماء:حب ما تعمل.. حتى تعمل ما تحب.. هذا هو طريق النجاح.. الذي يسلكه كل ناجح.