عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

قبل أن تقرأ.. هذه الكلمات ليست لها علاقة من قريب أو من بعيد بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب.. فأنا من المواطنين العرب الذين، انطلاقاً من التعامل بمنطق القبيلة، يؤمنون بأنه ليس لى الحق فى التحدث عن شرعيته من عدمها طالما لا أقبل أن يشكك أحد فى شرعية رؤسائنا من عدمها. صحيح أن هناك فى الولايات المتحدة وخارجها من يتحدث بقوة، وعلى أسس مختلفة عن شكوك تحيط بشرعية الرئيس الأمريكى ترامب، وصحيح أن البحث فى جوانب عديدة قد ينتهى إلى هذه النتيجة، إلا أن ليس هذا بيت القصيد من هذه السطور.

المقصد مختلف تماماً، وفى وجهة أخرى، ويتعلق بذلك الخيط الرفيع الفاصل بين الحق والباطل، بين الصدق والكذب، بين النزاهة والخديعة، وهو مثل تابعته من خلال رئيس أمريكى، ولكن افتراضى هذه المرة، وهو مثال قدمه لنا مسلسل عنوانه «رئيس الظل» على غرار فكرة حكومة الظل. المسلسل الذى تابعته مخدوعاً فى البداية بأنه فيلم من خلال موقع «نتفليكس»، يقدم لنا جانباً رائعاً يكشف لنا بعض مآسى السياسة وخباياها من خلال حبكة درامية متميزة لم ينل منها سوى أنها، كما قلت، تم تقديمها من خلال مسلسل شابته حالة من المط والتطويل بشكل وصل بالمسلسل إلى نحو 20 حلقة تقريبا لم أستطع بالطبع متابعة سوى 6 حلقات منها فى جلسة واحدة!!

يستوحى المسلسل أحداثه من وحى كارثة 11 سبتمبر وفوبيا الخوف التى تسيطر على الأجهزة الأمريكية، وهو الخوف الذى يبدو حتى فى الأفلام الأخرى العادية التى تتحدث عن غزوات وعمليات هجوم مختلفة تتعرض لها الولايات المتحدة تحديداً من الكواكب الأخرى. الحكاية ببساطة أنه فيما يلقى الرئيس الأمريكى خطاباً–حالة الاتحاد تقريباً– فى الكونجرس، يقع تفجير إرهابى يجهز على كل القيادات الأمريكية بمن فيهم الرئيس ونائبه وكل الوزراء وأعضاء الكونجرس باستثناء الوزير رقم 11 فى ترتيب الوزراء وهو وزير الإسكان– وضعه طبعاً غير وضع وزيرنا الدكتور مدبولى فى حكومتنا– فهو لا حول له ولا قوة، وهو يكاد يكون ملفوظاً من الرئيس الذى كان يخطط قبل يوم من التفجيرات لإقالته، وفى ضوء علمه بذلك يبدأ الوزير المشار إليه بالإعداد لخطط ما بعد الإقالة. وإلى جانب الوزير، لم ينج من التفجيرات سوى عضوة بالكونجرس لعدم حضورها فعاليات الخطاب.

لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، فعلى ضوء تصفية القيادات الأمريكية من الألف إلى الياء لم يتبق سوى ذلك الوزير الذى ينظر إليه باعتباره خيال مآتة فى ضوء هدوئه ونظرته للحياة التى تقوم على أساس أخلاقى قد ترى أنه يشوبه قدر من التزمت، إلى الحد الذى قد تتساءل معه كمشاهد عن سبب اختياره كوزير، ولعل ذلك هو السبب فى عدم ارتياح الرئيس ضحية الانفجار له.

وإذا كان الله يغير أحوال البشر بين لحظة وأخرى من حال إلى حال، فقد تحول صاحبنا فى لمح البصر إلى رئيس للولايات المتحدة حيث يتم اقتياده للبيت الأبيض، ويطلب منه توجيه بيان إلى الأمة يدعوها فيه إلى التماسك ومواجهة المحنة التى تواجهها.

ولأن المثل العامى يقول «الفقرى فقرى» فقد أصر الرئيس الجديد أو رئيس الصدفة على أن يواصل مهامه الرئاسية بذات المنطق الذى يؤمن به فى الحياة وهو الصدق والنزاهة ونبل الأخلاق، رغم أن كل هذه مفردات من المفترض وفق علماء السياسة وممارسيها مفاهيم غير موجودة على أرض الواقع ورغم إدراكه وجود مؤامرات تحاك من آخرين على رأسهم عضوة الكونجرس التى نجت بحياتها من التفجير.

على هذه الخلفية وفى أول حوار يجريه مع محطة تليفزيونية يحدد فيه للأمة ملامح رؤيته للمستقبل، كانت المفاجأة التى لم يعمل لها أى حساب، فقد راحت منافسته عضوة الكونجرس تروج لفكرة أن الرئيس الراحل كان قد اعتزم الإطاحة برئيس الظل من منصبه، وأن الحادث فقط هو الذى عطل هذه الخطوة. ومن هنا كانت هذه النقطة أحد محاور اللقاء وموضع سؤال تم توجيهه لرئيس الظل.

ولأن الرجل يبدو أنه قادم من عالم غير عالم البشر، الذى يسوده الكذب والنفاق والمؤامرات فقد أسقط فى يده، ولم يدر كيف يجيب؟ لم يجد أمامه سوى قطع التصوير واللجوء إلى مستشارته فى الحجرة الجانبية فى محاولة منه للاستعانة بصديق من أجل الإجابة، وهنا كانت المفاجأة وهى دعوته لإنكار الأمر من الأصل باعتبار أن ذلك يفتح الباب للتشكيك فى شرعية رئاسته للبلاد. بكل ثبات وبكل ثقة ويقين عاد الرجل إلى مقعد التصوير ليؤكد صحة الأمر، وأنه كان من الممكن أن يكون فى عداد الوزراء السابقين لولا ما حدث، وهو الأمر الذى تم استغلاله أسوأ استغلال حتى من قبل نجل الرئيس الراحل، وتسبب فى أزمات متعددة للرئيس الجديد استنفدت جزءًا كبيرًا من وقته فى مواجهتها؟

فهل كان الرجل على خطأ أم أننا يجب أن نساير الحياة، ونقر بأننا بشر فى النهاية، وأن الكذب والخديعة جزء من طبيعتنا، ويجب أن نتعايش معها كما نعيش، ونأكل وكما نتزوج النساء.. سؤال أعترف بالعجز عن الإجابة عنه!!

[email protected]