عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

نجح المصريون فى مواجهة شبح ما يسمى «الفتنة الطائفية»، بقدرتهم على الالتئام الوطنى، وأتصور أن قيام الرئيس عبدالفتاح السيسى، بافتتاح أكبر مسجد وكنيسة فى العاصمة الجديدة فى يوم واحد، أمر له دلالة خاصة، تتخطى مشاركة المسلمين للمسيحيين فى الاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام، إلى إدراك حقيقة حاول البعض طمسها، واستبدالها بمفهوم غريب على أدبيات الفكر السياسى المصرى، سموه «الفتنة الطائفية».

إن مصر من الناحية الواقعية، تعد أيقونة التناغم الطائفى من قبل أتباع ديانتين مختلفتين على أرضها، لكنهما متكاملتان فى نفوس معتنقيهما بل وتصبان فى معنى واحد هو «المواطنة»، بدليل عندما تسير فى شوارع القاهرة أو تجلس فى مقهى بأى مدينة مصرية، لا تستطيع أن تفرق بين المسلم والمسيحى فى الشكل أو السلوك، وتكتشف أن عادات وتقاليد وأخلاقيات المصرى سواء كان مسلماً أو مسيحياً تكاد تكون واحدة، ونسمى هذه الحقيقة «الوحدة الوطنية» وسوف نتأمل هذه الأيقونة من خلال رؤيتين إحداهما رؤية من منظور تاريخى والأخرى من منظور جغرافيا المنظور التاريخى يرى فى تعانق الهلال والصليب تحولا من مجرد شعار إلى قيمة راسخة لدى المصريين منذ أن اندلعت فى الشارع المصرى مظاهرات مناهضة للمحتل البريطانى، حيث وحدت الأمة إرادة تحث على المقاومة من أجل الاستقلال، ولم تكن ثورة 1919 - التى نحتفل هذا العام بمئويتها الأولى - سوى دليل تاريخى على وحدة المصريين، وعندما قامت ثورة عام 52 حرص نظامها على النظر إلى الأديان السماوية على أنها قيم روحية ملهمة لتوحيد الصف ولم الشمل، وأن كل المواطنين سواء أمام القانون وتم الفصل تماماً فى هذه الفترة بين الدين والصراع السياسى.

أما المنظور الجغرافى، يعتبر مصر من الدلتا إلى الصعيد وحتى المناطق ذات الطابع القبلى مثل شبه جزيرة سيناء، نموذجاً يعكس فكرة «الكل فى واحد» وهو ما خلص إليه المفكر الراحل د. جمال حمدان فى كتابه الأشهر «شخصية مصر» حيث يؤكد أن الوحدة الوطنية فى مصر، جاءت نتاج كونها مجتمعاً نهرياً يعتمد على الامتداد الطبيعى لنهر النيل من الجنوب إلى الشمال، ما استوجب وجود سلطة مركزية تدير عملية توزيع مياه الرى التى تزيد فى موسم الفيضان بفصل الصيف، وتقل فى فصل الشتاء مع انحسار سقوط الأمطار فى منطقة منابع النيل وهضبة الحبشة.

إن تفسير جمال حمدان للمجتمع النهرى أكد انعكاس تطور الوضع التاريخى على حقائق الموضع الجغرافى لمصر، ما يعتبر مفتاحاً مهماً لفهم الشخصية المصرية ويعززها عدم وجود نعرة عرقية أو طائفية فى طبيعة تكوين شخصية المواطن المصرى وعليه فشلت كل محاولات التفرقة بين المصرى المسلم والمصرى المسيحى عبر التاريخ وحتى عندما أراد البعض وصف المسيحيين بأنهم أقباط مصر، أكد المسلمون أن «القبطية» ليست ديانة ولكنها حضارة ينتمى لها المسلم والمسيحى على غرار حضارات أخرى مثل الأمازيغية والفينيقية والآشورية، ومن هنا نصبح أمام قبطى مسلم وقبطى مسيحى، وكلاهما مواطن مصرى شريك مجتمع واحد!