رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إشراقات

يتعب الواحد منا ويكد، من المهد إلى اللحد، فى سبيل تأمين مستقبل أولاده ولا يتخيل لحظة أنهم قد يفرطون فى كل ما تعب وشقى طوال حياته فى جمعه، وبأرخص الأسعار وأبخسها!

ذات مرة نصحنى شخص حكيم، قائلاً دائماً وأبداً حاول تشترى من وارث، ولما رأى تعجبى واندهاشى من نصيحته، أوضح قائلاً: الوارث يا سيدنا سواء أكان شخصاً أو أكثر، لا يدقق فى البيع، ويرضى بأى ثمن للأرض أو العقار، لأنه باختصار لم يتعب فى جمعها، وجاءت له على الجاهز كما يقولون!

أما إذا اشتريت من الأب أو الأم، والذين بذلوا الجهد والعرق، وطفحوا الكوتة من أجل شراء العقار، سواء أكان الشقة أو البيت أو الأرض، أو حتى فيلا، لذلك تجده شديداً فى البيع والشراء، وعندما تشترى منه شخصياً، يشعر وكأنك تقطع من لحمه!

تذكرت مقولة صاحبى الحكيم، منذ فترة قليلة عندما حكى لى صديق، يمتلك فيلا ومزرعة صغيرة فى طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوى، فقال لى الرجل: إنه ومنذ أكثر من 15 سنة جاء لهذا المكان هو وصديق عمره، وقاما كل واحد منهم بشراء فيلا وحولها مزرعة صغيرة، وواصل صاحبى حكايته قائلاً: تعبنا أنا وصديقى وطفحنا الكوتة.. فى سبيل تعمير المكان وتجميله، وجعله فى أحسن صورة ممكنة، حتى أصبح جنة من جنات ربى، تسعد النفس برؤياه والعيش فيه!

وفجأة توفى صديقى وترك الأرض والفيلا لأولاده، وفى يوم مشهود فوجئت بأولاده وقد أحضروا مشترى وباعوا له الأرض والفيلا بنصف الثمن تقريباً، وخرجوا من المكان مهللين فرحين، وبيضربوا كلاكس السيارة، وكأنهم فى فرح بلدى، وأنا أنظر لهم وأبكى على صديقى ومجهوده وتعبه اللى راحوا هدر!

والآن قد تسألونى عن مناسبة هذا الحديث؟!

فأقول لكم إننى أرى أمامى أناساً شغلتهم الدنيا عن لذة الاستمتاع بحياتهم ولحظاتهم الحلوة بسبب جريهم وراء لقمة العيش!

وللأسف الشديد لم يفوقوا إلا بعد فوات الأوان، ومنهم صديق عمرى والذى ضيع عمره وزهرة شبابه فى الخليج، بحثاً عن تأمين مستقبل أولاده، وفى لحظة واحدة أصابته أزمة قلبية أودت بحياته، حتى إننى أطلقت عليه فى الكلمة التى رثيته فيها، شهيد لقمة العيش!

ليس معنى كلامى، ألا نعمل ونجتهد ونكد ونعرق، وبالبلدى كده نضربها صرمة!

لا، ليس هذا هدفى ومرماى بالطبع، ولكنى أردت أن أقول لك تمتع بحياتك، وﻻ تنسى نفسك فى مشوارك العملى، فالحياة لحظة استمتع بها بقدر استطاعتك، مع الحرص على العمل والاجتهاد فى نفس الوقت.

 

عصام العبيدى