عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

فى الغربة، يتحول حضن الزوج إلى وطن، تلتمس منه الزوجة الأمان والراحة والطمأنينة والانطلاق لحياة أفضل، وتتوسم فى زوجها أن يعينها على حياتها الجديدة الخالية من الصحاب بعد أن خلت بسفرها من الإخوة والأقارب، وأن يكون منارتها لتحقق مكاسب معنوية ومالية تعوضها عن الغربة، ولكن للأسف يتحول حضن الزوج إلى مدينة حجرية صماء قاسية لا تسمع صدى لوحدتها أو حزنها وبكائها ولا تحتوى عزلتها، فى البلدان الأوروبية ومنها هولندا التى عشت بها سنوات طويلة، وأزورها فى أوقات متقاربة، الزوجة المصرية هناك غالباً لا تعرف من عالمها الجديد إلا زوجها، إذ يفرض عليها حصارا متعمدا لئلا تندمج فى المجتمع الهولندى فلا تصبح لها شخصيتها ومكانتها أو عملها الذى تتكسب منه لتفى على الأقل باحتياجاتها الشخصية التى لا يوفرها لها الزوج بعلة الادخار.

الزوج المصرى فى هولندا – إلا من رحم ربى – يتعمد عزل زوجته عن المجتمع، حتى تظل تدور فى حلقته، فلا تعرف من الحياة إلا من خلال النوافذ الزجاجية السميكة بالمنزل المتواضع غالبا، أو السوق والسوبر ماركت القريب من المسكن لشراء ما تحتاجه لتطهو له، وتنحصر حياتها بين المطبخ وغرفة النوم، ويتعلل الزوج بخوفه على زوجته من الانخراط فى مجتمع يصفه لها بالتحلل من الأخلاق، فيما يعيش هو حياته كاملة ما بين عمله، والسهر مع رفاقه.. عرب أو هولنديين بحكم قدم تواجده وإتقانه اللغة.

ورغم أن هولندا وأغلب الدول الأوروبية قامت بتشديد إجراءات جلب الزوجات والأزواج وفقا لقانون لم الشمل، واشترطت إتقان الوافد الجديد للغة، ومعرفته بالثقافة الهولندية وجانب من القوانين، وتتولى سفارتهم بالقاهرة إجراء اختبارات للزوجة قبل منحها التأشيرة لتسافر لزوجها الحاصل بالطبع على الجنسية – بعدة طرق منها اللجوء السياسى أو الدينى أو زواج البزنس من هولندية أو بطرق أخرى ملتوية لا تزال تخدع القوانين الهولندية – ولأن هؤلاء الأزواج يتمتعون بفهلوية المصرى المحنك، الذى يلعب بالبيضة والحجر، يعمد إلى تهريب زوجته من اختبار اللغة لأنها لم تتعلمها أصلاً ومن اختبار الثقافة بالطبع، لأن أغلب الزوجات بسيطات وحاصلات على تعليم متوسط أو جامعى بالكاد، المهم أن الزوج الفهلوى يتحايل بأن يستخرج لزوجته شهادة مزورة من طبيب عديم الذمة، بأن زوجته نصف معاقة ذهنياً، أو بكماء، وإنها بذلك لا تتمكن من الحفظ والامتحان، ولأن حالتها إنسانية – بالزور – يتم التغاضى من قبل السفارة الهولندية عن الشروط المشددة لمنحها تأشيرة السفر.

قد يغضب الكثير منى لفضح تلك الممارسات التى يلجأ إليها بعض ولا أقول كل المصريين لتسفير زوجاتهم إليهم، ولكن أكشفها رفقا ببناتنا ونسائنا، بسبب ما يتعرضن له من سوء معاملة الزوج وقسوته وتعمد عزلها عن المجتمع، لتعانى وحدتين، وحدة البعد عن أهلها ووحدة الانعزال فى المهجر، فيما الزوج يعيش بكل سعادة، ولا يستبعد فى هذا أن تكون له صديقة هولندية أو من أى جنسية أوروبية أخرى بجانب زوجته السجينة، ويمنع زوجته من الالتحاق بأى مدرسة ولو ليلية لتعلم اللغة، ويتعلل بأن دخله لا يكفى لهذا، رغم أن سماحة القوانين الهولندية تمنح دعما لمن يتقاضون رواتب صغيرة سواء فى إيجار المنزل أو التحاق أحد أفراد الأسرة بمدرسة لتعلم اللغة، وتخفض لهم التكاليف، فمن مصلحة هولندا اندماج المهاجرين وانخراطهم فى الحياة والعمل، المهم أن يتم التقدم بطلب رسمى لذلك، ولكن لأن الزوجة جاهلة باللغة وبالقوانين، لا تتمكن من المطالبة بحقها فى مدرسة مجانية أو مخفضة، وهو أمر يصب فى مصلحة الزوج الذى يحول زوجته إلى عبدة، فهو لم يجلبها إلا ليكمل شكلة الاجتماعى أمام أسرته المحافظة المتدينة فى بلده، فيما الزوجة المسكينة فرحة بما أتاها بأنها ستسافر لبلد أوروبى لم تره إلا فى التلفاز وتمنى نفسها بحياة رائعة، لتجد نفسها سجينة لم تحقق من سفرها إلا لقمة تأكلها بالذل، فهى ممنوعة من تعلم اللغة، ممنوعة من العمل، ممنوعة من الحياة الطبيعية أو حتى الصديقات بحكم قراقوش.. الزوج.. وللحديث بقية.

 

[email protected] com