رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مع قرب إغلاق ملف الصراع في سوريا وعلى سوريا، وهو ما تكشف عنه العديد من المؤشرات - من بينها بدء عودة سفارات دول عربية وعلى رأسها الإمارات لدمشق، والحديث عن عودة سوريا للجامعة العربية، فضلا عن إعلان الرئيس الأمريكي ترامب اعتزامه سحب القوات الأمريكية من هناك - ربما يكون من المطلوب إلقاء نظرة شاملة على نتائج ذلك الصراع الذي تواصلت فصوله الدامية لأكثر من ست سنوات بدأت بعد انطلاق موجة الربيع العربي في مصر وتونس مباشرة في أوائل عام 2011 وبتأثير عدواه.

إن التأمل في حصاد ما جرى حتى الآن وفي إطار بالغ العمومية يكشف عن نتائج بالغة السلبية على الصعيد العربي سواء شمل ذلك سوريا الدولة موضع الصراع أو دول الجوار العربي أو حتى الأمن العربي في مفهومه المطلق. وفي ذات الوقت فإن القراءة المتمعنة فيما جري تشير إلى مكاسب جمة مختلفة في صالح الأطراف غير العربية سواء تلك التي عملت على إذكاء الصراع في سوريا وسعت إلى الإطاحة بنظامه أو تلك التي راحت تدافع عن نظامه في إطار صراع النفوذ على مستوى النظام الدولي، حتى إنه يمكن القول بلغة أهل السياسة إن نتيجة ذلك الصراع لا تعدو أن تكون سوى بمثابة مباراة صفرية وهي تلك المباراة التي يكسب فيها طرف كل شىء (هو هنا الطرف غير العربي) ويخسر فيها الطرف الثاني كل شىء (هو هنا النظام السوري والنظام الإقليمي العربي).

في تفصيل ذلك وعلى مستوى النظر لموقف الجانب العربي، نشير بداية إلى أن استهداف سوريا وتقويض نفوذها وإخراجها من معادلة الأوضاع في المنطقة ربما كان أحد الأهداف الاستراتيجية في السياسة الأمريكية وبالتالي الإسرائيلية، وهو ما تحقق بتلك العملية التي ربما قضت على الدولة السورية قضاء قد لا تستطيع معه أن تستعيد بعض عافيتها على مدى عقود. ولعل أحد التداعيات السلبية المباشرة على صعيد الصراع السوري مع إسرائيل يتمثل ليس فقط في تجريد دمشق من إمكانيات المطالبة بهضبة الجولان وإنما سعي تل أبيب لتحقيق هدفها بتشريع ذلك الضم وهو الأمر الذي راح رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يطالب الإدارة الأمريكية به منذ أيام، وهو أمر بقدر ما يمثل خصما من رصيد دمشق، يصب في صالح الأهداف الإسرائيلية بعيدة المدى المتعلقة بضم أكبر قدر ممكن من الأراضي العربية التي يتم الاستيلاء عليها. 

أما على مستوى الدول العربية ومن بينها دول تحمست حماسا منقطع النظير لتغيير النظام في سوريا رغم ما بين بعض هذه الدول من تنافس، فإنه بعيدا عن التأثيرات السلبية للصراع على الأمن العربي، فإن هذه الدول ستجد نفسها مطالبة بدفع فاتورة إعادة الإعمار في سوريا، تحت دعوى أنها يجب أن تتحمل نتيجة ما جرى في المنطقة وهو ما أكد عليه الرئيس الأمريكي ترامب في تصريحات له مؤخرا، ومن المتصور أن ذلك السيناريو قد يدخل حيز التنفيذ مع أي حديث عن طي ملف الأزمة السورية والبدء في إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل بدء الصراع.

أما على الصعيد الأمريكي ورغم ما قد يبدو من أن واشنطن لم تحقق أهدافها في سوريا، على حد ما تشير إليه تصريحات الرئيس الأمريكي التي راح يحاول الإشارة خلالها إلى أن بلاده ربما تكون خسرت السيطرة هناك، فربما يكون من الصحيح أن تلك الخسارة على المستوى التكتيكي، غير أن تدمير سوريا، كما أشرنا يمثل مكسبا استراتيجيا كبيرا للولايات المتحدة.

وهنا نوضح أنه من مفارقة الصراع أن ما أشرنا إليه بشأن خسارة أمريكية، بدلا من أن تصب في مصلحة الخصم الرئيسي وهو سوريا والدول العربية، إلا أنها صبت في مصلحة الخصم الفرعي وهو روسيا وإيران، حيث إن فشل مسعى واشنطن في الإطاحة بالأسد إنما يمثل مكسبا لكل من موسكو وطهران في إطار صراع الإرادات الدولي والإقليمي، وهو ما قد يعني في النهاية تقاسمًا أو بمعنى أصح التشارك بأنصبة مختلفة في المكاسب الناجمة عن الصراع بين الأطراف الخارجية. ويعزز تلك الفكرة ما حققته تركيا من مكاسب على صعيد تعزيز نفوذها في الأراضي السورية واستغلالها للأزمة من أجل تعزيز موقفها الدولي سواء على صعيد العلاقة مع الولايات المتحدة أو على صعيد روسيا.

يجعلنا ذلك نؤكد أن الصراع في سوريا وما وصل إليه إنما يؤكد ما يمكن وصفه بـ«الخيبة العربية» في أكثر تجلياتها وضوحا، الأمر الذي يجب أن نشعر بسببه وعلى وقعه بالخزي ولوم أنفسنا قبل لوم غيرنا.

[email protected]