رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

 

 

اعتاد «رامى» على اللعب بالكرة أمام منزلى، حول المساحة بين جيرانى من الناحيتين فى الشارع إلى ملعب صغير ليمارس فيه هواية لعب كرة القدم ـ وجعل باب المنزل «مرمى» يصوب عليه الكرة، أصبح «رامى» فريقًا لوحده، هو تلميذ صغير فى الصف الأول الاعدادى، يذهب إلى المدرسة فى الصباح، ويعكنن علينا فى المساء، بالخبط والرزع فى الأبواب والشبابيك بالكرة، لم أتضايق من «رامى» رغم الصداع الذى كان يسببه لى، فأنا القريب فى جلستى من الشباك الذى يطل على الشارع أحيانًا أكون أتابع التليفزيون، أو أكتب أو أتحدث فى التليفون، أو يكون عندى ضيوف، وأسمع صوت الكرة طاخ.. طاخ فى الحيطان، وأخرج عن تركيزى، وأتنرفز، وأتوجه إلى الشباك أطل على «رامى»، وأقول له كفاية لعب يا رامي، وأسأله انت مش عندك مذاكرة، ياخى روح ذاكر لك كلمتين، يضحك رامى، وأعود إلى مكانى، ويعود الخبط والرزع، وأهدده من جديد بأننى سأنزل لأسحب منه الكرة، ولن أسمح له باللعب مرة أخرى، وفى كل مرة أهدد، ولا أنفذ تهديدى، وفهم رامى اننى فنجرى بق، ولن أتخذ ضده أى إجراء، وكان يتركنى اتفلق، ويسجل أهدافًا براحته فى شباك باب منزلى الخارجى، ويضحك عندما يسجل هدفًا، ويزعل عندما يضيع الهدف كأن تعلو الكرة العارضة، أو تذهب إلى الآوت، رغم أن رامى هو اللاعب الوحيد، والشبكة فاضية فكيف تخرج الكرة منه إلى راية الكورنر، فكرنى رامى بلاعب من لاعبى هذه الأيام فى فريق كبير لكن مش هقول علي اسمه يمكن ربنا يهديه ويزور الشباك!!

سر عدم غضبى من «رامى» المزعج هو أنه طفل صغير، والملاعب الشعبية التى تستوعب طاقته شحيحة، وربما لا يقدر على الاشتراك فى ناد كبير، فقرر تفريغ طاقته فى حيطان منزلنا، وقلت وماله، خليه يلعب براحته، الذى كان يغضب من رامى هو ابنى محمد آخر العنقود الطالب فى الثانوية العامة الذى كنا نغلق عليه الأبواب لنحفزه على المذاكرة، وكان يتلكك من الضوضاء التي يسببها رامى فى الشارع، ويقرر التوقف عن مراجعة دروسه لأن رامى لم يحدد وقتًا للمباراة الفردية التي يلعبها، فأحيانا يلعب بالساعات، ومحمد عنده مراجعة، فأقوم بتهدئته وأقول له رامى أخ لك فلا تغضب منه واعذره، بعد شوية هيروح مبسوط لأنه رفه عن نفسه. ينظر إلى محمد ابنى وفى رأسه علامة استفهام رامى أخى يا بابا. أقول له نعم أخوك فى الوطنية والانسانية والمحبة، يهز محمد رأسه، وينظر من الشباك  يبتسم لرامى، ورامى يطمئن ويزيد فى اللعب.

وليلة عيد الميلاد المجيد، خرج رامى بالكرة وذهب إلى الملعب الذى هو باب منزلنا ولعب كأنه لم يلعب من قبل، حتى ظننت أن الباب سقط على الأرض، وأن زلزالاً، يرج الحيطان من الطاخ طوخ، فى هذه الليلة لم أذهب إلي الشباك لأعاتب رامى تركته يلعب براحته، وبعد حوالى ساعتين نزلت إلي الشارع لارتباطى بميعاد، فاعتقد رامى عندما شاهدنى اننى قررت تنفيذ تهديدى بالاستيلاء علي الكرة، وحرمانه من اللعب، ووجدت «رامى» يقف أمامى خائفًا، لأننا أول مرة نكون وجها لوجه فى فترة لعبه الكرة وفوجئ بى أحتضنه، وأقبله، وأقول له كل سنة وانت طيب يا رامى.. عيد ميلاد مجيد، ويرد رامى وانت طيب يا عمو.

بالمحبة نحافظ علي الروح المصرية الأصيلة، وبهذه الروح نهزم الإرهاب، وننتصر فى معركتى البناء والتقدم.