رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

 

لماذا تطاردنى نماذج منهم وقد تخلص من آدميته أينما ذهبت - إلا من رحم ربى – لماذا يتمدد جبروتا وقبحا، لماذا يزداد استقواء، لماذا يتخلى عن شهامته ونخوته وكل مقومات رجولته ليسعد فقط نفسه، لمَ يفسد حياة البسيطات الضعيفات المستسلمات للقدر وله؟ ولماذا حاول أن يفسد علىّ رحلتى التى كنت أتلمس فيها التفاؤل وبعض الراحة باعتصارى وقلمى ألما بتلك القصص الواقعية التى ذرفتها أعين كثيرات؟.. كثيرات من المصريات فى هولندا، وروتها ألسنتهن لى فى مرارة ازدادت عمقا فى تلك الغربة القاسية التى تطحن الضعفاء وتنتصر للجبابرة المتلاعبين بالقوانين وبمشاعر بنات بلدهم دون أن تأخذهم بهن رحمة ولا شفقة.

ماذا أروى يا سادة؟، تلك السيدة البسيطة من الشرقية التى تزوجها ابن بلدها، وأخذها معه بضعة أشهر فقط لهولندا، ثم أعادها لقريتها خمسة عشر عاما، يزورها فى العام مرة ليستولدها طفلا بين وقت وآخر، أصبح لديهما أربعة أبناء، وهى وحدها بالقرية، وهو يعيش بكل أريحية فى هولندا بين عمله ورفاهيته، تاركا إياها مع وحدتها ورعاية الأبناء الذين صاروا أربعة، كان لا يرسل لها إلا القليل لتنفق، ويرسل جل أمواله لشقيقه ليشترى أرضا ويبنى بيتا.. طبعا باسمه، كلما طالبته بالسفر إليه ولم شمل الأسرة شأنه شأن كثير من المغتربين بهولندا، حيث لم تشعر أبدا أنها زوجة كاملة، وقد ازدادت أعباء الأولاد عليها دون معين، كلما طالبته بذلك، ثار ورفض وتعلل بضيق ذات اليد رغم إرساله الآلاف ليبنى بيتا.

عندما تنامت إليها أنباء نيته الزواج بأخرى من بنات القرية ليأخذها معه، شابة صغيرة جاهلة، كل مقوماتها الصبا، جن جنونها وقررت أن تقطع عليه الطريق للأخرى، لململت ملابسها وأولادهما، وسافرت إليه.. لهولندا، لتجد هناك أهوالاً لا تحتملها أى امرأة، وغدرا لا يفعله إلا الأبالسة، فقد رفض إدخالها المنزل، نعم طردها وأولادهما، عقابا لها لأنها جاءت إليه بدون إذنه، تركها تتضور جوعا وأولاده فى البرد القارس، ليلتقطها بعض من أبناء بلدنا الطيبين الذين استضافوها والأولاد، هنا بضعة أيام.. وهنا بضعة أخرى، ولكن كيف لأسرة مغتربة أن تحتمل استضافة خمسة أشخاص للأبد، وأرشدها ذوو الخبرة لأن تلجأ لمجلس المدينة، عسى أن يجدوا لها حلا.

وبعد ثلاثة أشهر من الجوع والعذاب و«البهدلة» وفر لها مجلس المدينة مكان إقامة فى بيت للضيافة مخصص للاجئين، لتعيش هناك حياة قاسية بلا ملامح أو آدمية، فيما انشغل هو بالزواج وقلبه الحجر لا يقلق لحظة لمصير زوجته.. عرضه ولا لأولاده بمن فيهم ابنته المراهقة، وكانت الحكومة الهولندية أحن عليها من زوجها بعد سبعة عشر عاما من الزواج والصبر والكفاح المر منها، وحصلت على شقة صغيرة إيجار، كما قدموا لها معونة بدل البطالة، وهو يعادل الحد الأدنى من الأجور للتمكن من العيش ولو فى شظف.

وفيما أولاده يتلطمون وتتقاذفهم رياح الغربة فى قسوة، كان هو قد تزوج وأنجب طفلا، وطلق أم أولاده، بوصفها عاصية فى نظره، لأنها أرادت لم الشمل، وخشيت على أولادها من الضياع بعيدا عن والدهم وقد ثقل حملهم، وتمتعت الزوجة الجديدة بالبيت الذى بناه توفيرا من نفقاته الشرعية على أولاده وأمهم.

وإمعانا فى حرمانها من حقوقها، نقل ملكية بيته إلى شقيقه صوريا، ليحرمها من الحصول على نصف ممتلكاته، وفقا لنصوص القانون الهولندى الذى يمنح الزوج أو الزوجة نصف ممتلكات الآخر حال الطلاق، تقول لى: كيف أعود بأولادى لمصر حيث لا زوج ولا دخل، فأنا نصف متعلمة وليس لدى عمل، وقد توقف هو تماما عن الإنفاق على أولاده.. بل يفعل الآن الأسوأ معها، يدعى لدى مجلس المدينة أن لديها أملاكا فى مصر، ليحرمها من الحصول على بدل البطالة وفقا لقوانين هولندا.

تقول لى ودموع القهر تذرفها.. ماذا فعلت له لأجنى كل هذه الغدر والخيانة؟ هل لأنى أردت لم الشمل بعد صبر عقد ونصف وحدى؟.. وللحديث بقية.

[email protected]