عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

يظل المسرح هو أبو الفنون قاطبةً ويظل لخشبة العرض بريق وسحر لا يكتنفه الخيال وإنما فن يضرب فى جذوره الواقع وتحركه قضايا الإنسان وصراعه الأبدى بين قوتين وبين إرادتين وبين طريقين وكلما جلسنا فى مقاعد المتفرج كلما استرجعنا ذلك الصراع الأولى بين إبليس وآدم وبين الغواية والشجرة المقدسة المحرمة وبين أوديب وقدره المحتوم وطريقه المرسوم ليقتل أباه ويتزوج أمه ويفقأ عيناه ليعيش طريداً منبوذاً... إنه المسرح الذى كتب له أرسطو أعظم كتب النقد عن ماهيه الدراما والبطل التراجيدى وإن كانت الكوميديا لم تحظ بذات المكانة الكلاسيكية إلا أن الكوميديا فن صعب وشديد المراس لأنها ذات مستويات عدة تبدأ من الضحك إلى السخرية وتنتهى بالجمع بين البكاء والضحك فى ثنائية درامية قلما يستطيع الكاتب أو الفنان الوصول إليها مع الجمهور لذا فإن مسرح محمد صبحى هو مسرح يجمع بين الدراما الصامتة والكوميديا الساخرة الصادمة لأن محمد صبحى فنان يؤمن أن له رسالة وأن الموهبة والفن طريق للارتقاء بالمجتمع وبالناس وبالوطن لذا فإن محمد صبحى ذلك الفارس الذى لم تسقطه الأيام والظروف والمِحَن عن جواده الفنى ورسالته الدرامية الضاحكة مازال مُصِراً على تقديم المسرح كما ينبغى أن يكون مؤمناً بدوره وقيمته ومعناه وتاريخ محمد صبحى الفنى سواء فى السينما أو الدراما التليفزيونية وعائلة ونيس أو فى حركة المسرح للجميع والتى بدأها بعد انفصاله عن المبدع لينين الرملى ونجاحاتهما معاً فى «الهمجى» و«تخاريف» و«بالعربى الفصيح» و«الجوكر» و«ماما أمريكا» وغيرها من الأعمال التى كُتبت خصيصاً للجمهور وللمسرح المصرى والعربى فأن محاولته المستمرة لإحياء تراث المسرح العالمى والمصرى كانت لها صدى كبيراً فى الإبقاء على الحالة الفنية المسرحية ضد هجمة مسرح الكباريه السياسى وكوميديا الفارس التى أسأت كثيراً للفن المسرحى وللفن المصرى فإعادة «كارمن» و«سكة السلامة» و"لعبة الست" منذ التسعينات حتى بعد يناير 2011 هى الركيزة التى تؤكد على تفرد صبحى فى فروسيته وشموخه وإصراره على أن الفن رسالة وأن الضحك ارتقاء وأن المسرح تطهير وأن الكلمة والمعنى والصراع لهما سحر وقوة فى تغيير المجتمع..

مسرحية «خيبتنا» على مسرح سنبل فى مدينته بطريق مصر الاسكندرية الصحراوى.. وجميع الكراسى ممتلأة إشارة إلى أن الفن الراقى يسعى إليه الجمهور فى أى مكان هى مسرحية ناقدة ساخرة تشرح المجتمع المصرى والوضع السياسى العربى فى مقابل صراعه الدائم مع القوة الاستعمارية الكبرى أمريكا وإن كانت الدراما تشير إلى أن العدو الحقيقى لانهيار المجتمع هو أن الفرد يحلم أكثر مما يعمل وأن فرص العمل ومساحة الإبداع تكاد تكون منعدمة وإن كان الأمل فى الطفولة والجيل القادم بعد أن أخذت دوامة المادية والمظهرية والفقر الفكرى والثقافى جيل كامل من الشباب والكبار الذين استسلموا للظرف والوضع ولم يغيروا شيئاً.. وأيضاً أن العلم الحديث هو العدو القادم فى صورة الاستنساخ البشرى للشر والجينات الوراثية كعلم لم تلتفت إليه الشعوب العربية.. وهى ذات النهاية لرواية «أولاد حارتنا» لنجيب محفوظ حين انتصر عرفة على الحارة.. وإن وجد العلم منفرداً دون إيمان ودون أخلاق فأن النهاية حتمية ومفجعة.. وإن كان العرض المسرحى فى فصلين يمزج الرؤية البصرية مع الديكور الثابت وبعض الموسيقى والغناء إلا أن العمل ذهنى فكرى ينتمى لمسرح الذهن والسخرية من الأوضاع فى تصاعد سريع للغة الحوارية الراقية إلا أن الشخصيات جميعاً نمطية ثابتة غير متطورة ومن هنا كان الصراع هو البطل والكلمة هى الأساس والفكرة هى الجوهر فى إطار ضاحك ساخر ممتع.. خبيتنا فى غياب العلم والرؤية وفرقتنا واعتمادنا على الاخر وعدم الاعتراف بالمرض ومعالجة العرض.. «سميرة عبدالعزيز» حضور متألق ويظل صبحى هو البطل بلا منازع..

أ. د. عزة أحمد هيكل