رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

كل عام والإخوة الأقباط بخير بمناسبة عيد الميلاد المجيد.. وكل عام والمصريون الذين يعيشون على قلب رجل واحد بألف خير وسلام.. وبهذه المناسبة السعيدة على قلب كل مصرى، أتحدث عن مفهوم الوحدة الوطنية وإرساء مبدأ المواطنة، من خلال ما كتبه القطب الوفدى الكبير- رحمه الله- سعد فخرى عبدالنور سكرتير عام حزب الوفد السابق يقول: فى حياة الأمم أيام خالدة تتألق فيها الكواكب وتسطع فيها النجوم وتضحى تاريخًا حافلاً، يدون بأحرف لا تمحى، والأمثلة على ذلك فى التاريخ كثيرة! منها يوم 9 مارس 1919.

ففى هذا اليوم، نفى سعد زغلول، زعيم الأمة المصرية، وكان النفى أبدياً، فلم يكن بمعنى النفى بجسده فحسب عن بلده، ولكن بمعنى أن يبعد بفكره ومشاعره عن أعز شىء لديه، وهو وطنه وشعبه الذى يمده بالقوة المعنوية والعزيمة لمقاومة الاحتلال. كان سعد زغلول على رأس القادة الثلاثة المنفيين إلى مالطة.

فكانت هذه الواقعة الشرارة التى أشعلت ثورة 1919، لأنه لو لم يعتقل سعد زغلول فى مساء 8 مارس 1919، ما كان هنالك نفى، ولو لم يكن هنالك نفى ما كانت هناك ثورة، ولظللنا تحت الحماية البريطانية.

وربما كنا إلى الآن ننتظر المخلص، الذى يخلصنا من الحماية التى فرضتها علينا بريطانيا فى ديسمبر 1914.

فى يوم 9 مارس 1919، نفى سعد زغلول مع زملائه الثلاثة وهم الأبطال: حمد باشا الباسل، الذى كان يمثل العروبة فى مصر، وكان أكبرهم سنًا وعضوًا فى الجمعية التشريعية.

ومحمد باشا محمود، وهو ابن محمود باشا سليمان، الذى كان يعتبر وقتذاك قطب أقطاب الصعيد، والذى قيل إنه عرض عليه الملك وأبى.

وإسماعيل باشا صدقى، كان يمثل العقلية الجبارة الفذة، وبالرغم من الخلاف الذى وقع بينه وبين سعد زغلول فيما بعد، إلا أن سعد باشا كان دائمًا يتغنى بأمجاد إسماعيل صدقى العقلية ويقول إنه رجل فذ.

والمفهوم الشائع لتعبير «الوحدة الوطنية فى ثورة 1919» هو أنها الوحدة بين الأقباط والمسلمين. ولكنى أطمع فى أن أقنعكم بأن مفهوم هذا التعبير أوسع وأشمل من المفهوم الشائع، فنحن الشعب المصرى نسيج واحد وسبيكة واحدة وأمة واحدة.

فالوحدة الوطنية ليست أقباطًا ومسلمين فحسب، بل الوحدة الوطنية هى وحدة الأمة، بجميع أحزابها وطوائفها وفئاتها وأديانها.

وقد عبر سعد زغلول أصدق تعبير عن مفهوم الوحدة الوطنية الشامل، عندما قال: «الحق فوق القوة، والأمة فوق الحكومة» لأنه استخدم لفظ الأمة للتعبير عن الشعب المصرى بجميع فئات السياسية والاجتماعية، بعد أن كان المصريون يقولون نحن رعايا السلطان العثمانى، وكانوا يسافرون بجوازات سفر عثمانية.

نجح سعد زغلول فى صياغة واستخدام هذه الكلمة «الأمة» واتفق عليها أعضاء الوفد.. ومفهوم هذه الصياغة أننا ننتمى إلى أمة واحدة، والأمة هى مصر.

<>

والأمر فى تقديرى وفى مفهوم ثورة 1919، أن للوحدة الوطنية المصرية فى إطارها الواسع الشامل مفاهيم ثلاثة، تنبثق من تاريخ الشعب والوطن.

المفهوم الأول هو مفهوم الانتماء إلى الأمة المصرية، ومعناه أننا جميعًا من أكبر كبير إلى أصغر صغير، ننتمى إلى هذه الأمة، ونضحى بكل شىء دفاعًا عنها.

والواقع أنه منذ بدء تجنيد الأقباط فى الجيش المصرى سنة 1855 فى عهد الوالى محمد سعيد، اكتمل الاندماج بين المصريين فى واجب الدفاع عن الوطن.

ووقف القبطى إلى جانب أخيه المسلم، حاملاً السلاح فى وجه العدو المشترك، وتساوى الاثنان فى حماية الوطن والتضحية من أجله.

المثالون: محمود مختار نحت تمثال نهضة مصر، بوحى وتعضيد الوفد وسعد زغلول والمسارح كلها عبرت عن مكنون ما فى صدر هذه الأمة العريقة.

<>

المفهوم الثانى للوحدة الوطنية، هو المفهوم الدينى، أى الوحدة بين الأقباط والمسلمين.

وبداية نقول إن الحق ما شهدت به الأعداء، فقد اعترف اللورد كرومر، المعتمد البريطانى فى مصر، بفشل سياسة «فرق تسد» البريطانية فيها.

وكتب أن الأقباط كانوا يواجهون الانجليز بمشاعر خالية من الصداقة.

وأنه لم يجد أى فارق بين سلوك الأقباط والمسلمين فى الأمور العامة.

وأكد كرومر أن الفارق الوحيد بين القبطى والمسلم، هو أن الأول يصلى فى كنيسة، والثانى يصلى فى مسجد، أى أن الاختلاف الوحيد بين الأقباط والمسلمين هو اختلاف العقيدة الدينية، الذى لم يؤثر على انتمائهم الوطنى.

وكان سعد زغلول يرى فى اعتماد مصر على شعبها وحده، بشقيه: الأقباط والمسلمين، الطريق الصحيح للعمل الوطنى فى سبيل الحصول على الاستقلال، ولهذا كانت الوحدة الوطنية لديه، أساسًا راسخًا لمحاربة الاحتلال البريطانى.

وتألف الوفد فى 13 نوفمبر 1918 على أساس مصرى جامع لكل فئات وعناصر الأمة، فبادر الأقباط بالانضمام إليه، وسارغ فخرى عبدالنور وويصا واصف وتوفيق أندراوس، لمقابلة سعد زغلول، الذى رحب بانضمام ممثلى الأقباط إلى الوفد.

وكان أولهم واصف غالى، ثانى أبناء بطرس غالى، رئيس الوزراء الذى اغتيل سنة 1910.

وكان موجودًا فى باريس فذهب إلى سفير بريطانيا فى باريس، وقال له: كيف تضع يدك فى يد من قتلوا أباك؟ فرد واصف غالى قائلاً: هذا خير لى من أن أضع يدى فى يد من قتلوا وطنى.

<>

المفهوم الثالث هو المفهوم الاجتماعى للوحدة الوطنية، وهو مفهوم عظيم، فأين المرأة المصرية فى ثورة 1919؟

لقد نادى قاسم أمين بتحرير المرأة.

كانت المرأة حبيسة البيت ولا تدخل المدارس. وأول مدرسة بنات فى العباسية، كان اسمها بنات الأشراف. نبوية موسى كانت رائدة فى تعليم البنات، كانت تسكن أمام منزلنا فى العباسية، كنا ننظر لها ونقول: «دى الست اللى بتعلم البنات، دى صاحبة رسالة مقدسة». الفتاة المصرية حرمت من التعليم ومن الثقافة أى من الحياة، فلما جاءت ثورة 1919، حررت المرأة وطبقت آراء ومفاهيم قاسم أمين.