عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خارج السطر

ليس أجمل من فكرة عميقة تخترق جدار الأدمغة فى سلاسة وتترسخ فى قواعدها بقوة اتساقها مع العقل.

والمُتتبع لأفكار المفكر الكبير الدكتور عبدالجواد ياسين يندهش كيف لا ينقلب الإعلام العربى اهتماماً وتفاعلاً مع أطروحات وأفكار عظيمة يصيغها الرجل، بينما ينفعل بسطحية وتردٍ مع ضجيج مُفتعل حول فستان فنانة أو حجاب أخرى.

تابعوا «ياسين» واقرأوه بعمق، ينفتح لكم وجه الخلل الطاغى فى واقع المسلمين، وكيف خلطوا بين الناس والنص.

يكتب الرجل بتحليل علمى عقلانى ليصل إلى أصل المُشكل، إذ يرى كيف خلط الفقهاء وأنصاف المتعلمين بين الإسلام كدين سماوى، وأفعال المسلمين الخاصة والمنزوعة من أى قداسة.

ما يقوله الرجل يُمكن قياس صحته فى عشرات الأطروحات الخاصة بعلاقة المسلم بغير المسلم، وبوضع المرأة، وبكثير من الحريات الإنسانية، فضلاً عن اعتبار بعض أفعال الناس غير مقدسة مثل أفعال الصحابة (مع تقديرنا العظيم لهم) جزءاً من الدين.

خطورة ذلك الخلط شاهدته فى فيديو للجاهل النشط وجدى غُنيم قبل أيام يتحدث فيه عن خالد بن الوليد ويبارك ما ذُكر عنه بأنه قتل فى 14 عاماً 400 ألف كافر! واعتبر مذابح بن الوليد المزعومة جزءاً لا يتجزأ من تعاليم الإسلام التى نتركها الآن لأننا مهزومون روحياً. وكأن الإله العظيم بعث نبيه ليزهق أرواحا بلا حساب.

بنفس القدر سمعت أستاذة فقه مهووسة بُحب الظهور تُجيز للمسلمين الاستمتاع بالنساء الإسرائيليات حال دخولنا معهم حربا والانتصار عليهم. وتبدو السيدة - مُدعية العلم الشرعى الإفتاء - مُغيبة عن واقع مُر تُطلق فيه إسرائيل أقمارها الصناعية، بينما ما زلنا نتحدث عن عصور الجوارى والسبايا.

ما يقوله عبدالجواد ياسين صراحة أن فعل المسلمين ليس هو الإسلام. فعل الصحابة والخلفاء الراشدين وغيرهم ممن يكتسبون احترام ومحبة المسلمين عبر العصور هو فعل بشرى محض، ربما يصيب وربما يخيب ولا ينبغى تقديمه للناس على كونه إسلاماً.

روعة «ياسين» تكمن فى أنه بدأ إسلامياً أقرب إلى التطرف، مؤمنا بشكل يقينى بأفكار سيد قطب باعتبارها الطريق الوحيد للجنان، لكنه - مثل كثير من المفكرين الحقيقيين - دخل فى مُراجعات عاصفة، وأعاد البحث والدراسة بعمق، وفصّل أفكار الناس وعواقبها هُنا وهناك، وانتهى إلى «أن السلطة فى تاريخ المسلمين لم تتشكل من خلال النص، وإنما تشكلت من خلال التاريخ، ليس ذلك فحسب، بل إن تاريخ السلطة قد أدّى دوراً فى تشكيل النص».

وما يُزعجك ويُزعجنى ويُزعج كل مسلم، مثلما أزعج عبدالقادر ياسين هو أن النص القرآنى فى لحظته الأولى لا يُحدد السلطة لفرد أو أسرة أو جماعة بعينها أو أحد، ويترك الأمر لاجتهاد الناس وتقديرها واختيارهم.

ببساطة ليس لأسرة ما أن تزعم أنها حاضنة الإسلام والمتحدث باسمه، فتحكم دولة تحت هذا الزعم، وليس لجماعة ما تضع المصحف شعاراً لها أن تُقدم نفسها باعتبارها صاحبة الدين ومحاميه.

داعش، بوكو حرام، الجهاد، حزب الله، حماس، والإخوان وكل من يزعم أنه إسلامى، هُم فى حقيقة الأمر أخطر على الإسلام من أى قوى خارجه.

والله أعلم.

[email protected]