رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

أعتقد أن الدعوة لتجديد الخطاب الدينى هدفها الرئيسى، خلق مجتمع واعٍ رافض للانحراف بكافة أشكاله، وانطلاقاً من هذا الهدف يعتبر تحميل الأزهر وحده عبء هذه المسئولية أمراً خاطئاً.

فيقول الإمام محمد عبده «من يريد خير البلاد فلا يسعى إلا فى إتقان التربية، وبعد ذلك يأتى له جميع ما يطلبه».. فالقضية أكبر وأكثر اتساعاً بكثير من مجرد خطاب دعوى له جمهوره المحدود، والمطلوب بمعنى أدق هو الارتقاء بوعى وثقافة المجتمع ومفاهيمه الإنسانية.

وعلى ذكر الإمام محمد عبده فهو القائل «وجدت فى أوروبا إسلاماً بلا مسلمين وفى بلادنا مسلمين بلا إسلام».. قالها قبل مئة عام، وكان عندنا الأزهر وكان الإسلام هناك، حيث الحضارة والرقى الإنسانى، واليوم لدينا الأزهر وآلاف الدعاة ومازال الإسلام هناك!

إذن القضية ليست خطاباً دعوياً، فكلما ارتقينا على سلم الإنسانية اقتربنا أكثر من الإسلام، فأخلاق المجتمع ككل وقيمه هما أزمتنا التى نغض الطرف عنها، «ومن ربى على التسليم بغير عقل، والعمل ولو صالحاً بغير فقه، فهو غير مؤمن» كما قال الإمام أيضاً.

فالارتقاء بالمجتمع عملية تحتاج إلى جهود متكاملة فى مناخ راقٍ لا يفتقد القدوة، يشارك فيها الخطاب الإعلامى والثقافى والتربوى والتعليمى والدينى والسياسى، فإن كنا جادين فلنسأل أنفسنا أولاً، ما هو خطابنا الإعلامي؟.. من نجومه؟.. من القدوة التى نقدمها للأجيال الجديدة فى كل المجالات؟.. ما هى النماذج التى تقدم فى إنتاجنا الدرامى (أسرع سبل الوصول للجمهور)؟.. ماهى القيم التى يغرسها المعلمون فى نفوس أبنائنا؟.. ما الذى يرونه فى شوارعنا؟.. لأى شيء يستمعون؟

فالحقيقة المؤلمة أنه لا نهوض لمجتمع بلا قدوة.. وما نعانيه اليوم ليس إلا حصاد جريمة تغييب الوعى والإلهاء وتسفيه القيم.. فمع غياب الوعى والهوية يصبح الإنسان مسخاً والمجتمعات هشة أقرب إلى الفوضى.. ولا خروج لمصر من كبوتها إلا بإعادة بناء الإنسان «كإنسان حقيقي».. ووجدان الإنسان يتشكل بما يلمسه فى الواقع لا بالخطب الرنانة.. وقتها فقط سيعلم الكبير قبل الصغير قيمة العلم والإتقان فى العمل، والحفاظ على مقدرات الدولة.. سيعرف معنى الحوار وحق الآخر فى الحياة.. سيرفض الدماء والإرهاب، ويعرف حق الطريق والرفق بالضعفاء.. فهل نحن مستعدون لذلك؟.. هل نحن مستعدون للتنازل عن الفسدة والمحاسيب وكذابى الزفة ومعدومى القيمة؟.. هل نحن مستعدون ليكون الاجتهاد والشرف هو سبيل الترقى الوحيد.. هل نحن جاهزون لمناخ تسوده العدالة والمساواة والتعفف عن استباحة المال العام واحترام الحقوق والقانون؟.. هذا هو الخطاب الدينى الذى يحتاجه المجتمع.. فهل من مجيب؟!

[email protected]