عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نظرة للمستقبل

 

 

 

دعونا نسأل أنفسنا أولاً، هل يتطور البشر فى علاقتهم مع الأفكار؟.. هل تنعدم حساسيتهم تجاه مخاطرها وتأثيراتها، هل تختلف أجهزة الاستقبال لديهم، فما يخيف الناس فى أزمنة لا يخيف آخرين، بل بالعكس تماماً، تنعدم لديهم تلك النظرة الخائفة منها، تصير الفكرة محل ترحيب كبير من قبل أهل الزمان الجديد، هذا سر آخر من أسرار قوة الفكرة وصمودها وأبديتها!، قال فيلسوف التنوير الكبير ابن رشد: «للأفكار أجنحة تطير بها»، وهو أحد أكثر المفكرين الذين يعرفون تماماً قوة الفكرة وأسطوريتها، لقد طُورد وطُوردت أفكاره، وقيل إن كتبه حُرقت تماماً، وسواء كان ذلك صحيحاً أم لا، فإن ابن رشد تحوّل عبر عبوره الزمن من شخص إلى فكرة عبرت كل سجون ومنافى ومتاريس الجبابرة، لتستقر فى عقول وقلوب كل الباحثين والعاشقين عن التنوير والحرية والعقل، فلا شىء يمكنه أن يقص جناحى الفكرة أو يغتالها، إنها هناك تحلّق عالياً جداً وبعيداً كل البعد عن أى آفاق، وأنا أعبر شوارع القاهرة وأتجول فى معالمها ومتاحفها، وأتعرف عن كثب إلى ملوكها وعصورها التاريخية، فى أثناء هذه الجولة كنت أدرك تماماً أننى لست سائحاً أجنبياً أتعرف إلى معالم تاريخ أمة عريقة، ولست أجنبياً يأتى منبهراً بما يمتلكه المصريون القدماء، كنت أعى وعياً ناصعاً مستنيراً أننى أتنقل بين أفكار عظيمة لا حدود لعظمتها. وأن هذه الأفكار بدءاً بأزمنة ملوك مصر القدماء فى الحضارة الفرعونية وانتهاء بأفكار ثورات صنعها هذا الشعب العظيم، وهى ما كوّن الأمة المصرية، وأنه مهما مر الزمن فلا شىء يمكن أن ينمحى أو يزول مهما بذلت فى سبيل ذلك من محاولات، لا الأهرامات ولا المقابر العظيمة، ولا المساجد ولا القصور والميادين والكتب ونقوش البردى والمسلات و.. إلخ، هذه كلها أفكار عظيمة أكثر من كونها مبانى عظيمة، إنها التجسيد المادى للأفكار الكبيرة، لذلك فإن الأفكار باقية ما بقيت تجسيداتها، حتى إن هُدم المسجد أو أُغلق القصر أو هُجر المعبد، للأفكار أجنحة تطير بها عبر الزمن دائماً.