رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

فى السنوات القليلة الماضية، عرفت حياتنا السياسية زيادة كبيرة فى رقعة الحديث عن «حكومة الظل».

وكعادتنا خرجنا بالمفهوم إلى مناطق لا تدخل أبداً فى مضمونه الصحيح الذى عرفته كثير من الدول، حتى بات الأمر فى حاجة إلى توضيح يزيل ما لحق به من تشويه اعتنق المزايدة السياسية.

وفى محاولة لضبط المفهوم، وإيضاح محدداته، وبيان مضمونه الديمقراطي، أود الإشارة إلى مجموعة من الحقائق التى لا ينبغى تجاوزها، أو الالتفاف عليها، مثلما لا تُقبل المزايدات، فأقول:

«حكومة الظل» نبت ديمقراطى لا شك فى ذلك؛ ومن ثم فوجوده مشبوه فى النظم السياسية غير الديمقراطية، إذ لا يتحقق محتواه، ولا ينتج أثره، إلا فى مناخ تسوده التعددية الحزبية على وجه اليقين، ومن ثم فسعى صوب تشكيل «حكومة الظل» تبذله بعض الأحزاب السياسية المصرية لهو أمر يمكن استيعابه على سبيل تحسين جودة التجربة المصرية الراهنة فى سياق محاولات بناء دولة مدنية حديثة تتبنى قيم الديمقراطية، وتلبى متطلبات الحكم الرشيد، وغير ذلك نكون قد أسرفنا فى استخدام المفهوم، «حكومة الظل»، وربما أفرغناه من مضمونه.

ليس أدل على ذلك من نشأة مفهوم «حكومة الظل» فى أواخر القرن التاسع عشر فى بريطانيا، أعرق الديمقراطيات المعاصرة، وتراكم المفهوم إلى أن رسخت قواعده فى النظام السياسى البريطانى فى الخمسينيات من القرن العشرين.

لا ينفى ذلك أن دولاً مُنقطعة الصلة بالأسس الديمقراطية تمتلك أحزابها الصورية «حكومة ظل»!، كجزء من «الصورة» المراد طبعها لدى الرأى العام، وإرسال نسخ كاذبة منها إلى المجتمع الدولي. وشبيه بذلك أن أحزاباً مصرية تدعى أنها تشكل «حكومة ظل» داخلها، بينما عجزت عن دخول البرلمان!.

لكن لماذا «حكومة الظل» وثيقة الصلة بديمقراطية المجتمع؟. لا تخرج الإجابة، الصادقة الأمينة، عن ذكر وظائف هذه الحكومة، وما تقوم به من أدوار حقيقية، لا صورية، إذ يقوم المهزومون فى الانتخابات التشريعية بالتكتل فى مواجهة الحزب الفائز المنوط به تشكيل الحكومة، ويتخذ المهزومون فى تكتلهم شكل الحكومة، بكافة أعضائها وتخصصاتهم، بغرض معارضة الحكومة الرسمية الحاكمة، وبيان ما فى سياساتها من سلبيات، وطرح بدائل لتلك السياسات، وتجهيز كوادر يمكنها أن تحل محل الحكومة الرسمية متى طُلب منها ذلك، فضلاً عن تنشيط الحياة السياسية برمتها بما تنتجه من تفاعلات سياسية، وما تثيره من حركة فى أوساط الرأى العام.

تسألني: هل «حكومة الظل» مناهضة إذن للحكومة الرسمية الحاكمة؟ الإجابة «لا»، بل هى ناقدة لأدائها. من فضلك لاحظ أن فى اللغة: «نقَد الشّيءَ: بيَّن حسنَه ورديئه، أظهر عيوبه ومحاسنه». والفعل نقَدَ: تناول بالدَّرْس والتَّحليل». والمراد بيان الإيجابيات والسلبيات، وليس كما درجت عليه عاداتنا وتربيتنا، غير الديمقراطية بالمرة، من أن النقد مشاكسة تصل إلى حد العداوة!. وعليه فإن «حكومة الظل» معنية بالقطع بكشف ما فى أداء الحكومة الرسمية الحاكمة من سلبيات وإيجابيات، وطرح بدائل أفضل، وإعداد كوادر أجدر استعداداً لتولى السلطة.

وفى ذلك تحقيق أمين للهدف الذى من أجله نشأ مفهوم «حكومة الظل» ورسخ فى كثير من النظم الديمقراطية. وأى حديث غير ذلك، لا أقول يُفرغ المفهوم من مضمونه فحسب، بل يفتقر إلى المسئولية الوطنية، ويتيح مسالك شتى تهرب منها أمانة ينبغى الحرص عليها، والاستزادة منها، لا إلى تشويه معانيها التى عرفتها النظم الديمقراطية الحقيقية.

وتبقى فى الصدر كلمة، أود لو تتسع لها عقول الكل، إذ من قال إن بيان سلبيات وإيجابيات الحكومة ليس دعماً لها، وليس صدقاً فى جهود وطنية تستهدف صحيح صالح الوطن؟، ما أحوج الدكتور مصطفى مدبولى إلى عقول تشاركه المسئولية الثقيلة الملقاة على كاهله هو وكافة أعضاء الحكومة، وما أحوج الرئيس السيسى إلى تعددية سياسية تطرح بدائل أفضل تصب فى رصيد نجاح نظامه فى بناء دولة مدنية حديثة، وما أحوج الوطن إلى حكومة أخرى، لو لم توفق حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، أو لو ظهر ما هو أفضل.

وبإذن الله يتصل حديثنا عن «حكومة الظل» إلى الأسبوع المقبل. والله والوطن من وراء القصد والسبيل.