رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكلمخانة

ضخامة عدد الحمير التى اكتشفت فى مزرعة الفيوم مؤخراً معدة للذبح فى دورها الذى لم يأت عند الضبط يكشف عن أن تجارة الحمير المذبوحة وبيع لحومها فى مناطق الاستهلاك الواسع قد تجاوزت مرحلة الاستثناء العارض!، بل تؤكد هذه الجريمة أننا قد أصبحنا فى مصر جميعاً عرضة للتورط فى أكل لحوم الحمير!، سواء بالشراء من محلات الجزارة التى تبيعها رخيصة، أو بتناولها فى محال الكباب وعربات الشواء المتنقلة الأرخص من محال الكباب طبعاً، ولا يستبعد أحد أن يكون ضحية مرشحة لابتلاع نصيب من هذا اللحم فى منزله أو خارجه، والتهافت على قطعة لحم رخيصة متهاودة يعنى ذبح الحمير أنها قد أصبحت فى متناول الأيدى الباحثة عن أى لحم  رخيص، ومساحة المزرعة الفيومية التى تحتفظ بالحمير لحين ذبحها، واستعدادها لاستقبال المزيد يعنى أن ذبح الحمير فى «السلخانة» التى أعدت لذلك أمر يومى لا يعرف الإجازة!، بل الطلب يشتد على هذه «البضاعة» التى لا غنى عنها للجميع كل بحسب حاجته!، أما الحمير فهى مختارة بعناية، فهى عجوز لم تعد صالحة للركوب ولا النقل للأحمال ولا حتى استغلالها فى الترفيه عن الأطفال، بل لم تعد صالحة إلا للذبح فقط!، وكانت قبل أن تعرف طريقها الى جوف الإنسان المصرى المعاصر يذهب لحمها إلى الوحوش الكاسرة فى حدائق الحيوان، لكن من الواضح أن تجربة أكل لحم الحمير من جانب المصريين قد شهدت نجاحاً ملحوظاً فى الآونة الأخيرة، وبلحم الحمير لنا قد توجت منظومتنا فى ابتلاع لحوم الطيور الجارحة من قبل، حتى ارتفع شعارنا القومى: «معدة المصريين تبلع الزلط»!.

فئة واحدة تشعر باكتئاب عام هذه الأيام، وهو ما لاحظته على أصحاب محال الكباب والجزارين، إذ تصاعدوا بأسعار اللحم والشواء إلى أسعار فلكية، مما حدا بأغلبية المصريين الى الاكتفاء بالتهام روائح الشواء دون شرائه، والفرجة على اللحم عند الجزارين بالمرور على عتبات محالهم، ومما جعل الفرجة متعة مداومة جميع قنوات التليفزيون على تقديم برامج الطهى التى يعدها «دكاترة» الطبخ لكل مدهش!، خاصة أن هؤلاء لا يفكر أى منهم فى تقديم الأكلات الشعبية المصرية التى أصبحت شروط مكوناتها استبعاد اللحوم حيث هى من المحرمات حالياً!، لكن دكاترة الطبخ يصرون على حشر اللحم من قطع صحيحة الى المفروم فى كل الأكلات!، وعندما يترجم الناس فرجتهم التليفزيونية على برامج الطبيخ، يكتشف هواة الدقة منهم أن اتباع الوصفات الواردة فى هذه البرامج يعنى أن تكون البيوت جاهزة بخزائن مفتوحة على مدار ساعات اليوم!، لكن ذبح الحمير وبيع لحومها للمصريين وغير ذلك من تالف بضائع الأغذية الفاسدة التى تضبط أطنانها كل يوم، كل ذلك لا شأن له فى موائد التليفزيون وقوائم أطعمتها المقدسة التى لها ناسها، مع السماح بالفرجة لمن يريد!