رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجرد كلام

 

من جديد، عاد الطبيب ياسر برهامى نائب رئيس الحركة السلفية ليكرر فتواه الشاذة بعدم جواز تهنئة المسيحيين بعيد ميلاد السيد المسيح، واعتبر أن هذه التهنئة أكثر شرا من شرب الخمر والوقوع فى الزنا، وهو ما نشره حرفياً منذ أربعة أيام فى موقع «صوت السلف» وعلى صفحته على الفيس بوك.

برهامى يستند فى فتواه إلى أن مجرد تهنئة المسيحيين بهذا العيد يعتبر «تشبها بهم»، وأن من تشبه بقوم فهو منهم كما قال الرسول « صلي الله عليه وسلم»، وهى حجة هزيلة البناء، لا أدرى كيف أوصلت الرجل  لهذا الاستنتاج، لكن الخطير فيها أنها تفتح أبواب العنف ضد المسيحيين، كما انه طبقا لهذه الفتوى فإن مجرد تهنئة جارك المسيحى بالعيد، فقد أصبحت خارجا على الملة كافرا بالإسلام، وهو ما قد يفتح الباب أمام البعض لقتلك باعتبارك مرتدا!!

صحيح أن الأزهر الشريف رفض فتوى برهامى وأقر بجواز تهنئة المسيحيين بالعيد، وصحيح أيضا غالبية المسلمين فى مصر لا يأخذون هذه النوعية من فتاوى برهامى بأى قدر من الجدية، بل انها فى كثير من الأحيان  تكون محل تندر الكثيرين لغرابتها وابتعادها عن المنطق، لكن أنصاره من السلفيين يعتبرونها منهاجا قويما للحياة، وقد يراها بعضهم رخصة للولوج فى نفق التطرف والارهاب، فالكثير من رموز الارهاب فى العالم الاسلامى نهلوا أفكارهم المتطرفة من شيوخ السلفية، وحاولوا تطبيقها بالعنف الأعمى أينما تواجدوا فى أى دولة فى العالم.

ومع أن برهامى نفسه لا يرفض البر بالمسيحيين واطعام جائعهم  والتهادى معهم، كما أنه لم يصدر عنه حتى الآن ما يفيد تأييده لأفكار الشيح اسحاق الحوينى الذى طالب فيه بحل أزماتنا الاقتصادية عن طريق غزو بلاد الكفار، والحصول على الغنائم من الأموال والعبيد من الرجال والنساء والأطفال، وبيعهم فى سوق النخاسة لمن لا يريد الاحتفاظ بكل نصيبه منهم، إلا أن فتوى برهامى هى الأخطر لأن المؤمنين بها سوف يطبقونها فورا ليضربوا وحدتنا الوطنية والقومية فى مقتل، فى حين تبدو غزوات الحوينى مجرد حلم يداعب خيالات أنصاره لكن من المستحيل تحقيقه على أرض الواقع.

هذه العقليات المنغلقة على ذاتها التى تخرج لنا أفكارا تعادى الدستور والمواطنة وقيم الإخاء والمساواة وحقوق الإنسان والمواثيق الدولية، هى أكبر إساءة للإسلام نفسه الذين يعتبرون أنفسهم جنوده المخلصين، وهى أكبر عدو لأى نهضة للمسلمين وانفتاحهم على العلوم الانسانية والاجتماعية الحديثة وتفاعلهم معها.

ما نحتاجه فعلا لمواجهة هذه الأفكار الهدامة يتعدى تقديم بلاغات لجهات التحقيق ضد من يروجونها بين الناس، كما يتعدى بيانات يصدرها الأزهر ضدها، نحن نحتاج إلى ثورة ثقافية تعيد قراءة تراثنا بالمناهج العلمية الحديثة، لكى نضع فتاوى برهامى وغيره فى حجمها الصحيح وقيمتها الحقيقية.