عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

بين الآمال والمخاوف يستقبل العالم عامًا جديدًا، وللشعور بالزمن معنى مختلف لدى الشعوب.. الفقراء  يحلمون بالخبز والأمان، والأغنياء يتطلعون لمزيد من الغنى وتخمة الحسابات والبطون.. في مصرنا العزيزة لم يعد لساعة الزمن تأثير كبير على حياة الناس لأن عقاربها تلدغهم ولا تقبلهم.. عندما يطول زمن الهموم والشوق لحلم طال انتظاره  يفقد الزمن معناه ويصبح العام الجديد بالنسبة لأمثالنا في مصر مجرد اعادة انتاج للأيام بنفس اللون والطعم والرائحة، ومناسبة  للخصم من رصيد عمر تحول عند أصحابه الي عبء نفسي لأنه يضغط عليهم بآمال هم عاجزون عن تحقيقها.. كثيرا ما أجد نفسي مهموما بالأجيال الجديدة التي ولدت في زمن عاصف بالأزمات، وهي أجيال مشكلتها أنها تشعر بأنها تقف حائرة على حدود أكثر حيرة بين ماض لم يمت ومستقبل لم يولد ويأبى أن يولد.. كان من الممكن أن يجد المصريون شبابا وشيوخا تعويضا عن هذه المشاعر المميتة لو استلهمتهم فنون راقية من مسرح وسينما ودراما وأدب ملهم، ولو استوعبتهم حياة مدنية نشطة بمؤسساتها ورموزها، ولو وجدوا أنفسهم يتابعون نوافذ اعلامية واعية وأمينة وليست مسطحة الى درجة التفاهة والقبح.. الفقر بصوره المادية ليس هو ما يخيف الشعوب ويهدد وجودها ولكن الفقر النفسي والثقافي والاجتماعي والسياسي يمثل الخطر الأكبر على أي مجتمع، غنيا كان أو فقيرا..

 من معضلات زماننا أننا لا نستطيع أن نعيش في عزلة عن العالم لأن كل النوافذ مفتوحة والشاشات تغلي بالصوت والصورة والكلمة ليل نهار، ومن يشاهد غيره يعرف حاله ويفيق على حقيقة الفارق بين شعوب قادرة على انتاج السعادة وأخرى ضحية أمعائها الخاوية وقلوبها الموجوعة وحكامها المتسلطين.. فى زمن مضى كان الفقراء يهربون من فقرهم ويحتمون بالدين ويتعلقون بالسماء.. ايقاع الحياة كان بطيئا وكان الاحتماء بالدين - أو التدين الظاهرى- يريح من نسيتهم العدالة والحظوظ الهاربة.. في عصرنا الحديث زادت المسافة كثيرا بين ما نتمناه وما نستطيع تحقيقه وحجب دخان الأزمات السماء عن الأرض - حتى العشاق عجزوا عن التعلق بالقمر لأنه أصبح يتيما وقزما الي جانب آلاف الأقمار الصناعية السابحة في الفضاء والتي تنقل للناس أطنانا من المشاعر والحقائق والأكاذيب والأوهام كل لحظة.. عام 2019 الذي استقبلناه واستقبلنا لن يكون أكثر من رقم تغير ومعه ستمضي الحياة كما كانت مثل قطار يقطع آلاف الرحلات بين نقطتين ثابتتين، وفوق قضبان لا تتغير.. لست بصدد تصدير مشاعر الاحباط لأحد ولكنني أشخص من وجهة نظرى لحظة لا تتعدي الثانية الواحدة بين الانتقال من عام الي عام جديد.. لكي يكون لآلة الزمن معنى في حياتنا فلابد أن نكون قادرين على تغيير الواقع الذى تحول الى سجن كبير اسمه الحياة.. بقوانين العلم وليس الرضا بالمكتوب يمكن لنا فقط أن نغير الواقع.. بالعقل واحترام العقل فقط يمكن تغيير الواقع.. بالفنون والابداع الفني فقط يمكن تغيير الواقع.. السعادة ليست مجرد شعور جميل يتحقق بالرضا والقناعة والصبر والنسيان.. السعادة أن نضيف نحن لكل عام جديد معنى مختلفا بما حققنا من عمل ومارسنا من حرية.. السعادة أن  نكتب جملة مختلفة مع كل عام جديد.. لقد مللنا من جملة « كل سنة وانت طيب «لأننا نقولها ونحن على يقين أنه لا السنوات  كلها طيبة ولا نحن كلنا طيبين.. من الأفضل أن نخلق واقعا جديدا نقول فيه لبعضنا البعض - كل سنة وانت إنسان - كل سنة وانت ناجح - كل سنة وأنت عاشق - كل سنة وأنت أمين مع نفسك ومع الناس - كل سنة وأنت مكتسب لمهارات وخبرات جديدة - كل سنة وأنت محترم للقانون - كل سنة وأنت تستطيع بحرية أن تختار نائبك ورئيسك - كل سنة وأنت حر تملك ارادتك - كل سنة وأنت مثقف واعٍ - كل سنة وأنت قادر على الغناء والحب.. كل سنة وأنت مختلف وجديد.. وأخيرا ولأن كل ما قلته كان تكرارا مملا لحلم قديم  فليس لدي ما أهنئكم به الا الجملة المحنطة « كل سنة وحضراتكم وحضرتي طيبون»....