نقطة ساخنة
عندما أنشأت الدولة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية فى ستينيات القرن الماضى.. كانت تهدف إلى إنشاء مركز متخصص فى إعداد أبحاث ودراسات عميقة، عما يحدث فى المجتمع من متغيرات وظواهر سلبية، نتيجة ما تصدره الدولة من قرارات سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية.. وأن يكون ضمن مهام المركز إصدار تقارير علمية توضع أمام صناع القرار، لاتخاذ الإجراءات اللازمة لعلاج السلبيات التى تطرأ على المجتمع.. ومن ثم فإن الدور المنوط لهذا المركز هو إنارة الطريق أمام القيادة السياسية بهدف الإصلاح السياسى والاقتصادى، والاجتماعى، والأمنى، وهو دور مهم لتحقيق السلام والعدل الاجتماعى.
وكان هذا المركز يضم نخبة من الأساتذة والمفكرين والخبراء والدارسين فى مجالات علم الاجتماع، وعلم الاجتماع السياسى، وعلم الجريمة.. وصدر عن المركز عشرات الأبحاث، والتقارير المهمة، بل والمهمة جدًا، والتى تكشف عن علاقة الأوضاع الاقتصادية المتردية والفقر والبطالة بتفشى الجريمة فى المجتمع المصرى.
وكانت الصحف تتسابق لنشر تلك التقارير لأهميتها القصوى، إيماناً منها بضرورة الضغط على الحكومة والبرلمان لإصلاح الخلل.
وأظن أن المركز ما زال يضم نخبة لا بأس بها من هؤلاء الأساتذة والخبراء والعلماء والباحثين.. لكن ومنذ ثلاث سنوات مضت أو يزيد، لم نعد نسمع شيئًا عن نشاط هذا المركز الهام المنوط به البحث والدراسة والتحليل لكثير من الظواهر الخطيرة، التى طرأت على المجتمع المصرى نتيجة تعويم الجنيه، وهو ما أدى إلى تعثر قطاع كبير من الشعب المصرى وعجزهم عن شراء الاحتياجات الضرورية للحياة.
هناك أسئلة كثيرة نطرحها على المسئولين فى المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، خاصة بعد تفشى عدة ظواهر سلبية، وجرائم روعت المجتمع المصرى فى السنوات الأخيرة.
< هل="" أجرى="" المركز="" أبحاثا="" ودراسات="" عن="" تأثير="" وتعويم="" الجنيه="" المصرى="" على="" تزايد="" حالات="" الفقر،="" وخاصة="" الطبقة="" المتوسطة="" التى="" صارت="" تعانى="" الأمرين؟!..="" وهل="" يتم="" رفع="" هذه="" التقارير="" إلى="" صُناع="" القرار="" فى="" مصر="" لمعرفة="" تأثير="" القرارات="" الاقتصادية="" على="" الظواهر="" السلبية="" وعلى="" الجريمة="" فى="">
إن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية له دور وطنى كبير فى كشف الكثير من الحقائق، وهناك مراكز أخرى لا تقل عنه أهمية، مثل معهد التخطيط القومى الذى يعد الكثير من الدراسات والأبحاث ورسائل الماجستير والدكتوراه، وكلها تتحدث عن الأوضاع الاقتصادية فى البلاد وتأثيرها على المجتمع وسلوكه.
أيضا لا يمكن إغفال دور المجالس القومية المتخصصة، وما تقدمه من تقارير مهمة فى كل المجالات، فى الصناعة والزراعة والاسكان والتصدير والاستيراد وغيرها.. ورغم أن المجالس القومية المتخصصة تتبع مجلس الوزراء، إلا أن تقاريرها تتميز بالشفافية، فهى تكشف السلبيات وتضع لها الحلول العملية والمنطقية.
إن صُناع القرار فى مصر، مطالبون بالقراءة الجيدة لمثل هذه التقارير المهمة، لأنها صادرة عن خبراء وعلماء وأساتذة كبار لهم قدرهم ومكانتهم العلمية الكبيرة.