عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

استكمالاً للحديث الذى بدأته أمس بشأن الإصلاح السياسى حتى يتواكب مع الإصلاح الاقتصادى والاستقرار الأمنى الذى تم على الأرض منذ ثورة «30 يونية» وحتى الآن، نواصل الحديث عن الدستور الحالى والذى تم وضعه فى مرحلة استثنائية كانت تمر بها البلاد، ولا يخفى على أحد أن مصر بعد زوال حكم الإخوان الإرهابى، وضعت خريطة طريق تمثلت فى وضع الدستور الحالى وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وبعد أعوام الفوضى والخراب والاضطراب التى حلت بالبلاد، عاد الهدوء والاستقرار الأمنى والاقتصادى، وحققت مصر إنجازات حقيقية كانت تحتاج إلى عقود زمنية طويلة، فما تحقق  خلال «5 سنوات» كان يحتاج إلى ما يزيد على عشرين عاماً، وهذا بفضل الوعى البالغ لدى الشعب المصرى، وحكمة القيادة السياسية التى وعدت فأوفت فى كل المجالات، لدرجة أن العالم أجمع أذهله ما تقوم به مصر فى مجال تحقيق الاستقرار الأمنى والإصلاحات الاقتصادية التى تتم، ومشروعات التنمية التى لا تنتهى، والتغيير الملحوظ فى البنية الأساسية حتى باتت البلاد محط أنظار الدنيا، وجاذبة للاستثمار على كافة المستويات والأصعدة.

وفى مطلع العام الجديد 2019، من حقى أن أواصل الأحلام والأمل فى الإصلاح السياسى الذى جاء الدور عليه، وهذا الحلم فى الإصلاح ليس عسيراً، أو صعب التحقيق على الأرض، فى ظل ما تم من إنجازات أمنية واقتصادية، والقضاء على جماعة الإخوان الإرهابية التى تعمل لصالح أجندات خارجية تتآمر على مصر لتقع فى براثن الفوضى والاضطراب من أجل تنفيذ مخطط التقسيم اللعين، لكن الله سبحانه وتعالى حفظ البلاد من كل هذه المؤامرات حتى لا يكون المصير كما حدث فى ليبيا وسوريا واليمن والعراق، بفضل وعى الشعب والتحامه مع قيادته الوطنية المتمثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى.

وكان من اللازم استكمالا لمسيرة الإصلاح أن يتوج بإصلاح سياسي، يتمثل فى دستور جديد للبلاد بعد ما حل الاستقرار الأمنى والاقتصادى، وبعد ما بات هذا الدستور، طبقا لما أسفر عنه الواقع العملي  لا يتناسب مع الأوضاع الجديدة بالبلاد. ومن حقنا أن نحلم بدستور جديد دائم يناسب الأوضاع الجديدة التى تشهدها مصر  حالياً، وقلنا أمس إن هذا الدستور الحالى كانت له ظروفه التى وضع فيها، وكانت تعتمد مواده الحالية على مواءمات وترضيات فى ظل الظروف التى كانت تمر  بها مصر في تلك الفترة التي تم إعداده فيها.. خاصة أنه لم نكن أمام دستور جديد وإنما أمام دستور 2012، الذي وضعه الإخوان وتم إجراء تعديل وليس دستورا جديدا. وكعادة الدساتير التى يتم وضعها بعد الفوضى والثورات، يتم الاعتماد على هذه المواءمات والترضيات من أجل البحث عن الهدوء والاستقرار، وتكون النتيجة أن نكون أمام دستور فئوى، وبما أن كل الأسباب التى تم وضع الدستور الحالى فى ظلها قد زالت، بقى أن يتم وضع دستور جديد دائم فى ظل الإصلاح السياسى الذى نحلم به فى مطلع العام الجديد، وهذا كما أكدت بالأمس أنه رأى شخصى، ومن كان عنده رأى آخر فليقله، أما عملية التعديل والترقيع فى الدستور الحالى فلم تحقق الهدف المنشود.

وإذا كان الزميل الكاتب الصحفى ياسر رزق رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم، يرى إجراء تعديلات على الدستور، لوجود «15٪» من مواده البالغة «247» مادة، لم تعد صالحة، فإننا نزيد عليه أن هناك أكثر من «60٪» من مواد الدستور غير صالحة الآن، لأن هذه المواد تمت بناءً على مواءمات وترضيات، بل إن الأخطر من ذلك هو أن الذين قاموا بوضع الدستور هم نخبة سياسية وفكرية، ولا يخفى على أحد أن هذه النخبة لها توجهاتها، وطبعا لا نشك أبداً فى هذه التوجهات أو نقلل من شأنها، فهم جميعاً وطنيون ولهم كل التقدير والاحترام، والدور الذى أدوه فى وضع الدستور الحالى، لا ينكره أحد على الإطلاق، لكن الظروف التي تم وضع الدستور الحالى خلالها، تغيرت وتبدلت، بعد الاستقرار الأمنى والاقتصادى، الذي تنعم به مصر حاليا علي نحو يمكن معه القول إن مواد الدستور الحالى يغلب عليها حين وضعت الانفعالية الممزوجة بالخوف والقلق نتيجة للفوضى التى تهدد كيان الدولة ذاتها.

وكما قلت بالأمس، إن إجراء أى تعديل على الدستور يتطلب إجراء استفتاء شعبى على هذه التعديلات، فمن باب أولى إجراء هذا الاستفتاء على وضع دستور جديد دائم للبلاد، وبذلك نضمن إصلاحاً سياسياً كاملاً، يتم في ظروف هدأت فيها النفوس، واستقرت معها الأوضاع الأمنية والاقتصادية ومن متخصصين وفنيين ذوي دراية بفن الصياغة والإعداد الدستورى حتي نكون أمام دستور عصرى، يركن إلي دعائم دستورية ويتم وضعه من أرباب المتخصصين ذوي الكفاءة العلمية والعملية في هذا الخصوص حتي يلحق بالإصلاحات الأمنية والاقتصادية التى تحياها مصر حالياً.

ومما يسترعي النظر علي سبيل المثال أن الدستور الحالى ألغى وزارة الإعلام واستبدلها بثلاث هيئات، وهى ما يطلق عليها الهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وتضاربت اختصاصات الهيئات الثلاث، ورغم وجود هذه الهيئات الثلاث ضاع وتاه بينها الإعلام الحزبى والخاص، فهل هذا منطق مقبول؟!.. الذين ألغوا وزارة الإعلام واستبدلوها بالهيئات الثلاث، استوردوا ذلك من الخارج، فى حين أن هذا لا يناسبنا فى مصر، وباتت الضرورة ملحة لوجود وزارة للإعلام مرة أخرى.

أما المواد المتعلقة بشأن تخصيص نسب من الناتج المحلى للإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمى، فحدث عنها ولا حرج، إذ إنه من المستحيل تحقيق ذلك على الأرض أبداً، خاصة أن النسب المطلوب تنفيذها عسيرة التحقيق، وقد يكون من وضعوا هذه المواد كانوا يريدون الموازنة العامة للدولة وليس الناتج المحلى، أما بشأن إلغاء مجلس الشورى، فقد رأى من وضعوا الدستور الحالى أنهم يريدون توفيراً، فى حين أن جميع العاملين بالشورى تم إلحاقهم بمجلس النواب، ولذلك أحلم بضرورة أن يكون هناك برلمان مصرى قائم على غرفتين الأولى غرفة النواب والثانية غرفة الشيوخ. وأقترح أن يكون علي غرار الاختصاصات في دستور 1923، خصوصا أن أكثر من 77 دولة في العالم الممعنة في الديمقراطية تأخذ بنظام البرلمان علي غرفتين.

ولقد بلغت الغرابة منتهاها فى الدستور الحالى متمثلة في المادة «140» والمادة «226»، التى تصادر الحق فى إجراء تعديلات دستورية، فهذا مرفوض تماماً، كما أنه ليس من حق من وضعوا الدستور أن يغلقوا الأبواب ويوصدوها في وجه المستقبل، ويحجروا في أن نفكر أو نجدد إذا ما وجد لذلك سبيلا، وليس من الحق أن تغل رغبة الشعب فيما يريد، وليس الدستور قرآناً أو إنجيلاً أو توراة أو زبوراً حتى يصادر هذا الحق على المصريين، ولذلك أكرر ما قلته سابقاً وهو أن الظروف التى وضع فيها الدستور الحالى، بعد الفوضى خلال حكم الإخوان جعلت واضعى الدستور لديهم المخاوف الشديدة فأقدموا على وضع هذا النص الدستورى، لكن الظرف تغير والأمر تبدل، ومن حقى أن أحلم بدستور جديد دائم خالٍ من المواءمات والترضيات ويبتعد عن الفئوية تماماً. ناهيك عما تضمنه الدستور الحالى من تفصيلات تنوء عنها الصياغة الفنية للدساتير، إذ إن مجالها هو القانون العادى وليس الدستور.

إذا أردنا إصلاحاً سياسياً حقيقياً، فإن الأمر يقتضى وضع دستور جديد دائم، يتم تطبيقه على أرض الواقع، ويتلاءم مع ما تحقق من استقرار أمنى واقتصادى، ونحن فى حاجة إلى دستور دائم خالٍ من المواد الانفعالية، ويتم إسناد هذه المهمة إلى المتخصصين ذوى الدراية والخبرة فى كيفية إعداد وصياغة الدستور وإجراء حوار مجتمعى حينئذ نقول إننا حققنا ما نصبو إليه وإن إرادة المصريين وصلابتهم قد انتصرت وإن ثورة 30 يونية قد حققت لمصر والمصريين آمالهم في بناء دولة عصرية حديثة يسود فيها الاستقرار الأمني والاقتصادى والسياسى.

[email protected]