رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عام جديد.. وفكر جديد

ولّى عام وجاء عام جديد.. شهد العام المنصرم إنجازات واسعة على أرض الواقع، حملت كلها بشاير خير للمصريين.. وتحقق استقرار أمنى فى ربوع البلاد، وجرت إصلاحات اقتصادية لم تكن تخطر على بال أحد، ونجحت الدولة فى القضاء على الإرهاب واجتثاث جذوره، والقضاء على أوكار التطرف التى كانت بمثابة بؤر خبيثة داخل المجتمع وتأمين الجبهة الداخلية للبلاد.. وبدأت مصر فى خطة التنمية التى كان يحلم بها المصريون، من خلال مشروعات عملاقة على كافة الأصعدة والمستويات تؤتى أكلها للمواطن، والذى لا يرى ذلك إما جاهلاً أو حاقداً لا يريد خيراً للوطن والمواطن، فما تم لا تخطئه العين، وإنما يؤكد أن مصر تسير على الطريق الصحيح بعطاء وطنى متكامل حلقات التخطيط من أجل تحقيق مستقبل أفضل للمواطن.

وجاء العام الميلادى الجديد 2019، ورغم كل ما تحقق من إنجازات كثيرة أبرزها على الإطلاق عدم سقوط الدولة المصرية وعدم وقوع البلاد فى الفوضى والاضطراب إلا أننى مازلت أحلم باستقرار سياسى إلى جوار الاستقرار الأمنى والاقتصادى، وعندما يتحقق ذلك كاملاً تكون مصر قد حققت حلم الدولة العصرية الحديثة التى يفاخر بها كل المصريين والأجيال القادمة، وإذا كنت أحلم بذلك إلا أن لدى قاعة أن الدولة المصرية قادرة على تحقيق ذلك بفضل السياسة الحكيمة التى ينفذها الرئيس عبدالفتاح السيسى.

من حقى إذن أن أحلم وأفكر وأتخيل، وعن قناعة شخصية، بأهمية الإصلاح السياسى الكامل، وعند الحديث عن هذا الإصلاح لابد من الدخول مباشرة إلى الدستور الحالى الذى لم يعد صالحاً للعمل به الآن، ولا أحد يخفى عليه أن هذا الدستور قد تم وضعه فى ظروف استثنائية مرت بها البلاد ويتضمن مواد انفعالية تحكمها موجات السخط والغضب، والمعروف أن الدساتير التى يتم وضعها فى أعقاب الثورات والفوضى، تكون لحالة استثنائية ولا يمكن استمرار العمل بها بعد زوال الأسباب التى تم وضع الدستور خلالها، ومصر قامت بثورة 30 يونية والشعب أزاح حكم الإخوان الذى تسبب فى فوضى عارمة داخل البلاد، أما الآن فالوضع قد تبدل وتغير تماماً، وبدأت مصر مشروعاً وطنياً جديداً وهو بناء الدولة العصرية الحديثة، واستقرت الأوضاع الأمنية والاقتصادية ولم يعد هذا الدستور يصلح للعمل به حالياً في ظل تغيير كل الأوضاع.

الزميل الكاتب الصحفى الأستاذ ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم» نشر مقالاً يوم «الأحد» الماضى بعنوان «عام الإصلاح السياسى الذى تأخر، والذى اقترح فيه إجراء تعديلات مقترحة على الدستور»، والحقيقة أن الزميل ياسر رزق وضع يده على لب المشكلة بشأن تأخير الإصلاح السياسى، فلا يمكن أن يتم هذا الإصلاح بدون النظر بشأن الدستور الحالى، والذى رأى «ياسر» ضرورة إجراء تعديلات دستورية، وعدّد الكثير من المواد التى تحتاج هذا التعديل، وهذا رأيه ووجهة نظره، ولها كل التقدير والاحترام.. لكننى أحلم ونحن فى مطلع العام الحالى بوضع دستور جديد دائم لأسباب كثيرة سأناقش بعضاً منها.

الدستور الحالى تم وضعه فى أعقاب الفوضى التى سادت البلاد خلال حكم الإخوان كما قلت من قبل، والمعروف أن هذه الدساتير التى يتم وضعها فى أعقاب الثورات والفوضى تكون استثنائية لما تحمله من مواد لا تتمشى مع الاستقرار الأمنى والاقتصادى، وبما أن الأسباب التى تم وضع الدستور خلالها قد زالت فمن باب أولى تغيير الدستور أو وضع دستور جديد دائم يتمشى مع الأوضاع الطبيعية الراهنة. كما أن هذا الدستور غير واضح الملامح، هل هو يحدد فى نظام الحكم «برلمانى» أم «رئاسى»، والدستور الحالى نجده فى هذا الشأن «سداح مداح»، فلا هو برلمانى ولا هو رئاسى، ومن حقنا أن نحلم بأن يكون نظام الحكم محدداً إما رئاسياً وإما برلمانياً. كما أن ما ينفع فى دولة لا ينفع فى أخرى، وأن ما ينفع دولة فى فترة زمنية محددة لا ينفعها فى زمن بعده، فلكل دولة نظامها الخاص بها، لدرجة أننا نجد دولة مثل بريطانيا بدون دستور والولايات المتحدة الأمريكية دستورها مبادئ عامة لا تتعدى أربع عشرة مادة، ولذلك أستغرب فى باب الحريات تفريعات وتفصيلات لا موجب لها، إذ إن المبدأ العام فى الحرية الشخصية تجب كافة التفصيلات والتفريعات التى تندرج تحتها، وكذلك لأن الحريات مبادئ فوق دستورية، مع الأخذ فى الاعتبار بالمقام الأول أن هناك محكمة دستورية اختصاصها مدى دستورية القوانين سواء أكانت مبدأ دستورياً مكتوباً أو من المبادئ فوق الدستورية التى لا تحتاج إلى نص مكتوب.

ومن غرائب هذا الدستور الحالى المادة «241» التى تقضى بالآتى: «يلتزم مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون العدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية وتعويض الضحايا وذلك وفقاً للمعايير الدولية».. يعنى أن هذه المادة تفتح باب المصالحة مع الجماعات الإرهابية التى دمرت البلاد، وكذلك الأمر يحتاج إلى ضرورة موازنة بين جميع سلطات الدولة الثلاث: التشريعية والقضائية والتنفيذية، وهذه الموازنة تتضمن ضرورة التعاون بين السلطات الثلاث لا أن تجور واحدة على الأخرى. وهنا يأتى دور المحكمة الدستورية التى تمنع الجور من جانب سلطة على أخرى، وإلا ما فائدة المحكمة وأين دورها؟

فى مطلع العام الجديد 2019، من حقى أن أحلم بدستور جديد دائم للبلاد، يكون حجر الأساس للإصلاح السياسى، لا بالتعديل أو الترقيع للدستور الحالى الذى يضم مواد كثيرة فى حاجة شديدة وماسة إلى التغيير والنسف.. وعلى كل الأحوال إذا تم التعديل فقط فالأمر يستلزم إجراء استفتاء، وبما أن الاستفتاء سيتم فلماذا لا يتم وضع دستور جديد دائم للبلاد به مواد تلائم الأوضاع الحالية الجديدة.

وهناك أمر مهم جداً لابد من الإشارة إليه خلال وضع الدستور الجديد، وهو إسناد هذه المهمة إلى المتخصصين الفنيين، وليس كما تم من قبل باختيار رموز المجتمع سواء كانوا سياسيين أو مثقفين أو نخبة وخلافه، فهذا مرفوض جملة وتفصيلاً، لكن مهمة وضع دستور جديد تتطلب اختيار متخصصين فنيين فى هذا الشأن، حتى لا يتحول دستور الدولة إلى دستور فئوى يعبر عن شرائح مختلفة داخل المجتمع، ويقوم بمواءمات وترضيات لا يستقيم أى تشريع بها سواء أكان قانوناً عادياً أو دستوراً، وهذا ما حدث فى الدستور الحالى المعمول به.

هذا حلم فى مطلع العام الجديد، يبدأ بخيال شخصى ثم يتبلور فى تأمل وفكر وينتهى إلى قرار يصلح للتنفيذ على الأرض، والأحلام كثيرة فى هذا العام أتمنى تحقيقها فى مجالات كثيرة بهدف الوصول إلى الإصلاح السياسى، مثلما تحقق الإصلاح الأمنى والاقتصادى، والمعروف أن أى تقدم أو اختراع بشرى، بدأ بخيال وتأمل وغيًّر فيما بعد أفكاراً وحقائق كونية، بعد تحويل هذا الخيال والتأمل إلى فكرة تتجسد فى قرار سليم وتنفيذ سليم.

هذا.. اللهم إن هذا رأيى خالصاً لوجه الله، ومن كان عنده رأى أقوى فليقله.. ورحم الله الإمام الشافعى - رضى الله عنه - عندما كان يبدى رأياً كان يختتمه بقوله: «عِلمُنا هذا رأى فمن كان عنده رأى أقوى أخذنا به».