عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

من طبيعة الإنسان الأصيلة أنه يمتلك عقلاً، ومن فطرته التى فطر عليها أن يبادر إلى استخدام هذا العقل فى كل جوانب حياته منذ أن يشب عن الطوق ويصبح قادراً على التفكير العقلانى، وحينئذ يكون قادراً على الرفض والقبول بعد النقد والتحليل والمقارنة والتفسير، قادراً على الاختيار بين البدائل المتاحة كحلول لأى معضلة أو مشكلة تواجهه، وإذا لم تعجبه أو بالأحرى إذا لم يقتنع بأى من هذه البدائل المتاحة يكون قادراً على استكشاف واكتشاف وإبداع الحل الذى يراه مناسباً من وجهة نظره. أعتقد أن جميع البشر يفهمون ذلك وأن الكثيرين منهم يمكنهم ممارسة هذا اللون من التفكير العقلى الذى يتميز بالطبع عن صور أخرى كثيرة من التفكير كالتفكير الأسطورى والتفكير الخرافى وغيرهما من صور التفكير السلبى الذى يكتفى فيه المتلقى بتلقى ما هو شائع فى مجتمعه أو عصره من مقولات وتصديقها تصديقاً أعمى بلا أى محاولة للتشكيك أو النقد.

والحقيقة التى قد تغيب عنا وخاصة فى المجتمعات المتخلفة أن هذا اللون من التفكير العقلى المنظم ينبغى تعلمه والتدريب عليه ؛ فنحن نتصور خطأ أننا طالما ولدنا بشرا ولسنا حيوانات فقد ولدنا قادرين بالفطرة على التفكير العقلى المجرد، ألسنا – كما فى القول الفلسفى الشائع – حيوانات عاقلة نتميز بالناطقية والفكر؟! وهنا ينبغى التنويه والتأكيد على أن معنى هذا القول الفلسفى الشائع أننا كبشر ولدنا ولدينا بالطبع والفطرة القابلية والاستعداد للتفكير العقلى على أساس أن لدينا أداة التفكير وهو «العقل»، لكن الحقيقة أن هذه القابلية وذلك الاستعداد للتفكير العقلى لكى يتحول إلى فعل نمارسه فى حياتنا العامة والعلمية ينبغى أن نتدرب عليه ونكتسبه.

وليس فى الأمر غرابة فكما أننا نمتلك الأيدى والأرجل التى تمكننا بالطبيعة والفطرة من ممارسة الألعاب الرياضية المختلفة، إلا أننا ندرك جيداً أن إتقان هذه الرياضات وممارستها فعلاَ يقتضى ويستلزم أن نتدرب عليها على يد مدربين وخبراء فى هذه الرياضة أو تلك ومن ثم نذهب بأبنائنا إلى هؤلاء الخبراء ليكسبوا أولادنا المهارات الضرورية لممارسة وإتقان هذه الرياضة أو تلك، أقول كما أننا نفعل ذلك بالنسبة لأى مهارة من هذه المهارات الجسمية فلمَ لا نفهم ضرورة تعلم مهارات التفكير العقلى لنمارسه بإتقان بعيداً عن العواطف والانفعالات والأهواء التى تسير حياتنا الأخلاقية والاقتصادية والسياسية والعلمية فتوقعنا فى حبائل الخلط والغموض وسلسلة كبيرة من الأخطاء والمغالطات وتباعد بيننا وبين الإدراك السليم لحقائق الأشياء، وتباعد كذلك بيننا وبين تنمية مهارات الإبداع والقدرة على اكتشاف الجديد، أى جديد!!

لا شك أن لدى كل منا القدرة على الملاحظة وجمع المعلومات، ولدى كل منا القدرة على النقد والمقارنة والتحليل ومن ثم التفسير والفهم، لكن فرقاً كبيراً بين الملاحظة العادية الساذجة غير الموجهة وبين الملاحظة الموجهة عن عمد لظاهرة معينة من الظواهر التى تطمح كإنسان باحث عن الحقيقة إلى الوصول إلى تفسيرها التفسير العلمى الصحيح!، فرق كبير بين أن تنقد أى إنسان يتحدث أو يكتب فى موضوع ما فتهاجمه وتهاجم أفكاره ونظرياته دون وعى وأنت جاهل بالموضوع وأبعاده وجوانبه المختلفة وبين أن تنقده وأنت دارس لمعنى النقد ومدرك لأن النقد الإيجابى لا يكون بالتهجم على الرأى الآخر ورفضه لمجرد اختلافه عن رأيك.