رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى سوق النخاسة السياسى وعلى مذابح الأيديولوجيات الخاوية والشعارات الدينية المريضة والمهووسة، سقط نصف سكان الوطن العربى تقريباً فقراء أو تحت عتبة الفقر، رغم أن الوطن العربى ينتج ثلث الثروة النفطية العالمية، وتضرب البطالة 20 مليون شخص فيه، أما الأميّة فحدّث ولا حرج، تخيّلوا أن مائة مليون عربى أمى، وعندما تكون البطالة والبطون والعقول خاوية والقلوب ملأى بالغضب، كيف لا يرتمى كثير من هؤلاء الشباب فى أتون الإرهاب؟.. كيف لا تغسل عقولهم فتصبح أجسادهم وقوداً لنار الفتن والاقتتال؟

والمنطقة العربية تعانى من البطالة خلال العقدين الأخيرين والوثائق والتقارير تفيد بـ20 مليون عاطل من العمل فى الدول العربية، 30% من الشباب تقريباً عاطلون من العمل. والشباب فى المنطقة العربية يعانون من أعلى مستويات البطالة بين الشباب عالمياً. وبطالة المرأة الشابة 3 أضعاف بطالة الشاب، وأسباب هذه الأرقام الكارثية يربطها البعض بالاستعمار ونشأة البرجوازية العالمية والرأسمالية العالمية، والمأساة تكمن فى أننا دول تصدّر مواد أولية وهم يبيعونا سلعاً صناعية بأغلى الأثمان، وأسهموا أيضاً بالتخلف الاقتصادى من خلال تخصيص هذه الدول بإنتاج سلعة واحدة، ونحن نعلم علمياً أنه يجب أن تكون القطاعات الاقتصادية متنوعة ومتوازنة.

هذه هى الأسباب الخارجية أما الأسباب الداخلية فهى عديدة منها ما هو سياسي، ومنها ما هو اقتصادى، ومنها ما هو اجتماعى فى الشق السياسى، الأنظمة المستبدة والديكتاتورية والقمع وأنظمة المخابرات ساهمت مساهمة كبيرة فى تفقير وتهميش هؤلاء الناس، فمعظم هذه الدول تريد أن تبقى شعوبها فى التهميش والفقر والبطالة كى لا تطالب بالمشاركة السياسية والعدالة الاجتماعية غير موجودة فى معظم الدول العربية، لا يوجد تكافؤ فرص، توزيع ثروات غير عادل، لا توجد تنمية اجتماعية واقتصادية وصحية، وهناك فاسدون ولصوص يتقاسمون ثروات هذه الدول.

بالتأكيد أن عمليات الفقر والبطالة والتهميش هى أحد العوامل الأساسية التى يمكن استثمارها فى التعبئة الأيديولوجية وبالتالى فى إطار التجنيد فى داخل هذه الجماعات الإرهابية، لكنها ليست منتجاً يتبع طبقات الفقراء أو المهمشين، فنحن نعلم أن تنظيم القاعدة على سبيل المثال هو أحد أكثر التنظيمات السلفية الجهادية انتشاراً، وزعيم التنظيم، بن لادن الذى قتل فى مايو 2011، كان ينتمى إلى طبقة عليا ولا يعانى لا من الفقر ولا من التهميش، وكذلك نرى الزعيم الحالى للتنظيم، أيمن الظواهرى، هو طبيب بمعنى أنه لا يعانى من الأمية والفقر وينتمى إلى طبقة وسطى عليا. إذاً هناك مزيج من الطبقات فى الإرهاب.

وأعتقد أن هذه الجماعات تحاول استثمار جميع هذه القضايا كأى ظاهرة إنسانية، القضايا المتعلقة بالمسائل الرمزية الدينية والثيولوجية، وهناك قضايا متعلقة بالمسائل المادية، المتعلقة بالفقر والبطالة والتهميش والقضايا السياسية والطائفية. فى النهاية كل هذه القضايا يستثمرها تنظيم ما، يتوافر لديه أيديولوجيا وتمويل وهيكلية منظمة فى محاولة التعبير عن ذاته فى إطار معيّن، وللأسف أن ثورات ما سمى بالربيع العربى ساعدت على تأزم الوضع، والبطالة والفقر أعطونا 3 ظواهر محفوفة بالخطر، أولاً الإرهاب، والهجرة السرّية، والمخدرات.

فالإرهاب ينشأ بشكل خاص فى المناطق التى لم تستفد من التنمية وبها الكثير من البطالة والفقر والأمية، إلى جانب الفساد، وعدم توزيع الثروات بشكل صحيح. ومجلة فوربس الأمريكية التى تصنّف الأغنياء فى العالم، تقول أن الأمراء فقط يملكون «كاش» فى جيوبهم 2000 مليار دولار، هذه الأموال لو صرفت فى سبيل تنمية اجتماعية صحيحة لن يكون هناك فقر إلى هذه الدرجة، بالإضافة إلى غياب الطبقة الوسطى، فقبل 2400 سنة قال أفلاطون إن الطبقة الوسطى هى صمّام الأمان للمجتمعات، ونحن محوناها الآن.. وكل هذه العوامل تؤدى نتائج كارثية.