رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوال مصرية

منذ مرض شقيقه الأكبر تبدلت أحوال «رأفت» إلى النقيض، كان رأفت أصغر اشقائه بإحدى مدن الوجه البحرى وقد تولى شقيقه الأكبر رعايته والانفاق عليه منذ رحيل رب الأسرة، حتى استطاع رأفت تزويج أولاده وسفرهم إلى الخارج بإحدى الدول الأوروبية وحصولهم على جنسيتها، ورغم تحسن أحواله بسفر ابنائه وبقائه فى المنزل وحيدًا مع زوجته إلا أن اطماعه ناحية الأرض التى تركها الأب لم تنقطع، كان يعتقد يقينًا أن شقيقه الأكبر حصل على نصيب الأسد فى تلك الأرض، رغم أن ذلك لم يحدث اطلاقًا، إلا أنه سعى لدى شقيقه قبل مرضه أن يمنحه أكثر من متر ونصف المتر بمساحة اضافية لبيته بطول 40 مترًا لكى يجعل منها مدخلاً لبيته الريفى، إلا أن شقيقه الأكبر رفض ووافق بعد ضغوط على منحه مترًا فقط، ولكن عندما اشتد عليه المرض واصيب بعدة أمراض قاتلة فى نفس الوقت، لم يستطع معرفة ماذا يفعل شقيقه رأفت فى الأرض التى سمح له بالبناء عليها ووجد رأفت الفرصة مناسبة لتحقيق حلمه بالاستيلاء على متر ونصف المتر مدخلاً لبيته، وعندما علم ابن شقيقه بالأمر وكان مسافرًا بالخارج فاضطر إلى توكيل محام لرفع قضية على عمه رأفت الذى تجاوز الحدود والأعراف واستولى على أرض ليست من حقه، ولما وجد ان عمه قام بوضع يده على الأرض، اضطر ابن شقيقه إلى الاستعانة ببلطجية لطرد عمه من الأرض المغتصبة، وعاد إلى الوطن فى أول طائرة مما كلفه الكثير وهنا عقد مجلس عرفى عائلى لبحث المشكلة، وقال له ابن اخيه انا كنت حاضرًا الاتفاق وكان مترا واحدا فقط، فحاول رأفت تكذيبه والتعدى عليه إلا أن ابن شقيقه تصدى له، وأمام الشهود والوقائع، اضطر رأفت إلى الرضوخ للأمر الواقع والتسليم بمساحة متر فقط مدخلاً لبيته.

المثير فى الأمر أن رأفت لم يهنأ بالمتر الذى حصل عليه رغمًا عنه، فقد سافر أولاده وأقاموا بإحدى الدول الأوروبية، وبعد فترة رحلت زوجته تاركة إياه يعيش فى المنزل وحيدًا  متذكرًا شريط ذكريات عمره كل ليلة، وتنتابه الحسرة على ما حدث و ما جرى، والمثير جدًا فى قصة رأفت أن جارا له يقيم عريشة فى أرضه الزراعية اشتعلت بها النار ذات ليلة فحاول الجيران انقاذه وحملوه مشتعلا إلى منزل رأفت المجاور لأرضه الزراعية إلا أن المزارع توفى فى بيت رأفت محترقًا، ومن يومها لم يستطع رأفت النوم من كثرة التخيلات التى هيأت له وجود عفاريت فى المنزل، حاول التكيف مع الأمر، إلا أن رعبه كان يزداد كل ليلة عن الأخرى، وخوفًا على حياته من العفاريت ولوحدته، اضطر إلى ترك منزله والرحيل عن البلدة، حيث استأجر شقة بإحدى المدن الساحلية بقية عمره يجتر فيها حكايات وذكريات الأرض والعفاريت، وتراوده بينه وبين نفسه أن ما حدث له عقاب السماء على محاولته الاستيلاء على جزء من أرض شقيقه الراحل الذى انفق عليه حتى جعل منه رجلاً.. فهل انتقمت السماء للابن العاق؟ هل شاهد رأفت العفاريت فعلاً؟ ماذا شاهد بالضبط..؟

اسئلة لا يملك رأفت الإجابة عنها حتى الآن..