عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

لم أحمل لها أجندة أو روزنامه، كان شعورى بها منذ البداية ليس لطيفاً، أيامها مرت متشابهة فى البطء والثقل، «كبيسة» على مشاعرى، بدأت بأحداث لم تكن جميلة ولا طيبة، على المستوى الشخصى.. العائلى، وفى محيط العمل بفقد زملاء أعزاء، وأيضاً على مستوى المجتمع المصرى ككل الذى هاجمته نيران الأسعار فأحرقت معظم مدخراته وهبطت بالطبقة الوسطى إلى الأسفل، فكنت أدفع أيامها دفعا بالصبر والدعاء، ومحاولة تجميل الواقع قدر الإمكان بالابتسام وتجاوز قيود الألم لإخفاء ملامحها القبيحة، وتقبلها كضيف ثقيل، وأردد كمؤمنة بالقدر بينى وبين نفسى «كلها أيام ربنا» والله يغير ولا يتغير.

قبل أن تغادرنى، أرادت أن تترك لى بصمة سوداء لا تمحيها إلا أصابع ماهرة وتقنية طبية عالية، أو قد لا تمحيها ليقول القدر كلمته الأخيرة، هذا الورم المتسلل إلى أدق منطقة فى المخ ليشاكس الغدة النخامية، فينهزم أمامه العصب البصرى متأكلا، ومترافقا مع كل التداعيات الآخرى التى يعرفها كل من زارهم هذا الضيف الثقيل فى عام ثقيل.

لا يخيفنى المرض بقدر ما يخيفنى أن يكل بى أحد حتى أقرب الناس إلى، أو يضج من المى أحد، علمتنى الحياة إنك ما دمت صحيحا قويا يلتف حولك الصحاب والأحباب، وإن ضعفت ومرضت، التفوا قليلا، ثم انصرف كل إلى حالة وهو «يمصمص» شفتيه «تصعبا»، وتطوى لديهم رويدا رويدا فى صحائف النسيان، التمس لهم جميعا الأعذار، الكل مشغول بهمومه، بمشكلاته، بمتطلبات الحياة التى لا ترحم ولا تتوقف.

الأم حين تمرض، أول ما تفكر به أولادها، فمهما كبروا أو صاروا، تراهم أطفالا صغارا لا يغنيهم كبرهم عن الحاجة اليها.. لحبها.. لحنانها وعطفها، أو حتى لنصيحتها ودعائها عن بعد، ولن أقول جهدها أو عطاءها المادى، كأم مؤمنة استودعت أولادى بين يدى الله الذى لا تضيع لديه الودائع وتعلقت برحمته وبقوله سبحانه وتعالى «وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا»، فاتقيته سبحانه قدر وسعى فى كل أعمالى، وهو وحده المطلع الغفور الرحيم.

حين يفاجئنا بلاء لا نتوقعه علينا أن نحمد الله أولا ونشكره ونستغفره، ثم نفكر ونتدبر فى أمر الحياة، فى أمر من حولنا ممن يهمونا، من يرتبطون بنا ويحزنهم مصابنا، ويؤلمهم فراقنا، وعلينا أن نعمل جاهدين لأن نرتب أمور حياتهم قدر الإمكان، أن نعقلها ونتوكل على الله، والا نستسلم للمرض ونيأس، فرحمته وسعت كل شى، ويحى العظام وهى رميم، وشفى سيدنا أيوب بعد أن نخرت عظامة ووهنت كل أسباب قواه، المرض ضيف ثقيل، تتمنى لو تطرده من حياتك وتغلق بابك دونه، لكنك للأسف لا يمكنك فعل ذلك، لأنه يتحول من ضيف إلى صاحب دار، يملكك، ويتحكم فى كل تفاصيل حياتك، وعليك أن تصاحبه، تسايسه، تبحث عن مطالبه من دواء أو جراحه، وأن تكون فى هذا شجاعا..صامدا ومؤمنا بأن كل مايصيبك هو خير، والإرادة والتفاؤل قاسم عظيم لمواجهة الضيف الثقيل والتغلب على استيطانه، فكم من أصحاء قتلهم الوهم والهم، وكم من مرضى تعافوا بالأمل والتفاؤل.

أيها العام الثقيل.. ارحل فى سلام.. رغم إنك لم تتركنى فى سلام أنا ولا غيرى كثيرون، سنطوى صفحاتك بكل ما لها وما عليها، ولنتفاءل للوافد الجديد، لنستقبله بالابتسام والأمل، بأن الغد أجمل، وقد تعلمنا مما مضى، واستقينا منها دروسا ستنفعنا.

رغم كل الضيف الثقيل المرافق لى.. أنا متفائلة.. منطلقة.. متمسكة بالأمل وبرحمة الله.. وجل دعائى «اللهم لا تكلنى إلى أحد ولا إلى نفسى طرفة عين «كل سنة وانتم جميعا طيبين.. متفائلين.. فى عام جديد سيحمل لنا كل الخير باذن الله، ولنشعل شمعة أمل، ولنطلق العابنا النارية، ولنغنى، وقبل كل هذا فالحمد الله ونشكره على كل ما أخذ وكل ما أعطى.

[email protected]