حكاوى
تحدثت من قبل عن كتاب «زعيم الفقراء مصطفى النحاس» الذى كتبه عباس حافظ وقدم له الدكتور وحيد عبدالمجيد، ومازال الحديث موصولًا عن هذه الرؤية التى تعد جديدة لزعامة النحاس وكما يقول الدكتور وحيد عبدالمجيد «كثير من كتب التراجم التى يذوب كتابها عشقًا فيمن كتبوا مسيرتهم ولكن هذا العمل ليس مجرد كتاب عن زعامة مصطفى النحاس، إنه أيضًا لوحة تقدم صورة لزعيم الأمة وصفها عباس حافظ بأنها صورة دقيقة مصغرة». وكان المؤلف متواضعًا عندما اعتذر عما ظن أنه قصور فى أسلوبه، فقال إنه ليس حاذقًا أو ماهرًا، ولا غرابة فى ذلك فقد وضع هذا العمل فى زمن كانت الكتابة فيه فنًا وصنعة وثقافة قبل أن تصبح فى عصرنا كلامًا يلقى على عواهنه.
ويقول عباس حافظ فى العوامل والمؤثرات فى نشأة الزعامة لدى النحاس، إن هناك عوامل مختلفة ومؤثرات متعددة منوعة فيها الطبيعة وهذه تتصل بالوراثة والبيئة والإقليم والاستعدادات الفطرية، ومنها اجتماعية كالظروف المهيأة والفرص السانحة وأثر البداوى والحضارة والمحيط الاجتماعى والبيئة الثقافية والأفق المنزلى ونوع الأصحاب والرفقاء والخلطاء واللحظات الموقظة، ومنها الشخصية كالنزاعات والأهواء والميول والاتجاهات الخاصة وقوة النشاط ونسبة الذكاء والأخلاق القويمة والقدرة على التمام والرغبة فى الإجادة والاتقان.
بالإضافة إلى عوامل أخرى كقوة الاحتمال والصبر الرفيع والتجلد المتناهى والمثابرة والدأب الملح على الاستمرار، والشجاعة وانتفاء التهيب والمخافة وقبول تحمل التبعات والاضطلاع بالمسئوليات والإخلاص وصدق النية والأمانة والنزاهة ونقاء الذمة والعطف على الناس والثبات على الفكرة أو المبدأ والوفاء للعقيدة والتصميم على الرأى وقوة العزيمة وعمق الإيمان وضبط النفس وحسن التصرف ومعالجة الأمور بالحكمة وفصل الخطاب.
وبهذا التقسيم التقريبى للعوامل المؤثرة فى نشأة الزعامة لا يزال متداخلًا مشتبكًا متصلًا بعضه ببعض، كل هذه الصفات والتقسيمات كانت عاملًا مؤثرًا بشكل حاد فى تشكيل زعامة مصطفى النحاس، ويواصل عباس حافظ قائلًا: وتعدد الجوانب من مزايا الزعامة وصفاتها الأولى وذلك أن تظهر قوة الزعيم فى أنحاء متعددة وتتجلى فى مظاهر كثيرة وتسير فى اتجاهات مختلفة وقد يلوح هذا التعدد فى وقت واحد، فيكون الرجل العظيم مديرًا، وحازقًا للإدارة وماليًا عريفًا لفنون المال واستثماره أو يكون رئيسًا وكاتبًا، وخطيبًا أو محاميًا، مدرمًا ساحر البيان، لقد اشتهر روسو فى فنون الأدب والفلسفة والاجتماع وميشيل أنجلو فى الرسم والموسيقى والهندسة وروزفلت فى الطبيعة والسياسة وكاتبًا فحلًا، وبوذا عالمًا بالطبيعة وخبيرًا فى الكهرباء.
ويستطرد عباس حافظ فى المقدمات ليصل فى نهاية المطاف إلى كيفية تشكيل الزعامة التى اتصف بها الزعيم مصطفى النحاس وانحيازه التام للفقراء من أبناء الأمة المصرية، والدور الكبير الذى لعبه من أجل مصر.