عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 «هى لك.. وأنا سأغادر».. بهذه العبارة التى تبدو معبرة عن قدر كبير من الرعونة والاستخفاف.. عقد التاجر ترامب صفقته مع المتآمر أردوغان.. لسحب القوات الأمريكية المساندة للمقاتلين الأكراد ضد عصابات داعش فى منطقة شمال شرق سوريا المتاخمة للحدود التركية.. مطلقا بذلك العنان لجحافل جيش الرئيس التركى الحالم بإعادة إحياء «العرش العثمانلى».. لتتوغل فى الأراضى السورية وترتكب المذابح التى طالما هدد بها الأتراك «قوات سوريا الديمقراطية» و"قوات حماية الشعب الكردي" التى تعتبرها أنقرة خطرا على أمنها القومى.

•• حدث ذلك بالفعل

وهذا ما كشفته تسريبات المكالمة الهاتفية التى تمت بين ترامب وأردوغان فى 14 ديسمبر الحالى.. أو التى ترتب عليها قرار الرئيس الأمريكى بخروج قواته من سوريا.. أو تحديدا منطقة شرق الفرات السورية.. وهو القرار الذى اتخذه منفردا دون الرجوع إلى مساعديه فى الإدارة الحاكمة.. بدليل ما تبعه من استقالة كل من وزير الدفاع الأمريكى والمبعوث الخاص للتحالف الدولى ضد داعش تعبيرا عن رفضهما لهذا القرار.

هكذا دار الحوار.. وفقا لما كشفته صحيفتا «واشنطن بوست» الأمريكية و«حرييت» التركية ووكالة «أسوشيتدبرس»:

• قال أردوغان لترامب إنه يعجز عن فهم سبب استمرار الولايات المتحدة فى تسليح ودعم المقاتلين الأكراد السوريين لشن حرب برية ضد داعش.. لأن داعش قد هُزم بالفعل و"ان الجيش التركى قوى بحيث يمكن أن يتولى أى جيوب مسلحة متبقية" فى شرق الفرات.

• وسأل ترامب نظيره التركى «هل ستتخلّصون من فلول داعش إذا ما انسحبنا من سوريا»؟

• فردّ عليه أردوغان قائلا: «سنتولّى الأمر».. وذكّره بأن تركيا سبق لها أن «قضت على 4 آلاف عنصر» من تنظيم داعش خلال عملية درع الفرات التى شنتها فى 2016.

• وهنا ألقى ترامب وعده بطريقة «من لا يملك يعطى من لا يستحق» قائلا: You know, it's yours, I'll leave.. «إنها لك أى سوريا وأنا سأغادر»..!!

•• ما لم يذكروه

هو أنه كانت فى خلفية هذه المحادثة «صفقة» تجارية عسكرية.. وأخرى سياسية.. الأولى بالاتفاق مع أردوغان على شراء منظومة «باتريوت» الأمريكية المضادة للصواريخ والطائرات.. كبديل عن حصولها على منظومة «إس-400 الروسية».. والثانية بتمكين جيش أردوغان من انتزاع السيطرة على الحدود السورية من بين أيدى الأكراد.. وذلك بهدف امتصاص غضب تركيا ومنعها من التخلى عن تحالفها مع الغرب لصالح روسيا.. وهذا ما ذكرناه فى مقال سابق.. ودللنا عليه بتصريح أدلى به وزير الدفاع التركى بعد ساعات من قرار ترامب.. قال فيه «إن المسلحين الأكراد شرق الفرات سيدفنون فى خنادقهم».

وما كان يعلمه جيدا طرفا المحادثة هو أن مسألة القضاء على داعش ما هى الا ستار يخفى وراءه أردوغان هدفا رئيسيا آخر.. هو القضاء على المقاتلين الأكراد.. وأن عملية درع الفرات التى أشار اليها الرئيس التركى فى المكالمة لم تكن موجهة فقط ضد عصابات داعش.. بل كانت تستهدف بشكل أساسى المقاتلين الأكراد.

•• وهكذا

بدأت أنقرة التحرك فى اتجاه سيناريو إشعال الحرب.. وجاءت الأنباء بالأمس.. لتؤكد إن تركيا أرسلت تعزيزات عسكرية إلى شمال سوريا.. بالقرب من المنطقة التى تسيطر عليها القوات الكردية.. كما طلبت القوات التركية من الفصائل الموالية لها إعلان حالة التأهب.

فى نفس الوقت.. وعلى الجانب الآخر من المنطقة الحدودية.. ذكرت وسائل إعلام سورية أن وحدات من الجيش السورى النظامى توجهت نحو «ريف دير الزور الشرقي» لبدء عملية عسكرية فى شرقى سوريا.. وهو ما يبدو استجابة للنداء الذى سبق لقوات حماية الشعب الكردى أن وجهته إلى الرئيس بشار الأسد من أجل استلام الجيش للمنطقة وحمايتها من الأطماع والتحرشات التركية.

•• والآن

اكتمل إعداد مسرح الحرب.. وهكذا أفلح ترامب فى دفع الجيشين التركى والسورى (المدعوم روسيَّا وإيرانيَّا) إلى شفا مواجهة عسكرية كبرى.. قد تشعل لو حدثت شرارة حرب شاملة فى المنطقة.. سيتدخل فيها الروس والإيرانيون بكل تأكيد.