رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

لا أدرى ماهى الحكمة فى أن تندفع الحكومة من آن لآخر إلى الإسراع بتمرير قوانين فى مجلس النواب، دون الاعتناء بمناقشات موسعة مع أصحاب الشأن ممن ينيط بهم القانون أمر تنفيذها وتطبيقها، أو دراسة اعتراضات ذوى الشأن على مشروعها، قبل أن يصبح قانوناً، اللهم إلا سيادة أجواء من الارتباك تعزز فقدان الثقة بين مؤسسات الدولة والمجتمع، وتسرع من إيقاع المعارك بين أطرافها, بالخروج من إحداها، للدخول إلى أخرى.

حدث هذا خلال عام واحد، مع مشروع القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام الذى صدر فى يوليو الماضى، بعد سجالات حادة مع نقابة الصحفيين وأعضائها، وتجاهل متعمد لاقتراحات مجلس نقابتها، وللجهد المضنى الذى بذلته اللجنة المشكلة من النقابة وكفاءات قانونية ومهنية متنوعة، التى عكفت على مدار شهور على إعداده، وها هو السيناريو نفسه يتكرر مع قانون المستشفيات الجامعية الذى تجرى الآن مناقشة لائحته التنفيذية، بعد موافقة مجلس النواب عليه فى مارس الماضى.

ولأن الصحة فى مصر عليلة، والخدمات الطبية بائسة ومعدومة كما هو معلوم لكل الأطراف، فإن النقاش الدائر الآن بشأن تنظيم العمل فى المستشفيات الجامعية يجب أن ينتهى بإصلاح هذ الخلل الجسيم فى قطاع حيوى هام بهذا الحجم، لا ترسيخه، أو التهرب من دفع تكاليف مجانية بعض أقسامه وتخصصاته، لا سيما فى الأمراض المستعصية، أو تغيير مهامه فى التدريب والتعليم، لا سيما ونحن نتحدث عن 110مستشفيات جامعية فى مختلف محافظات الجمهورية، يتردد عليها سنوياً نحو 18 مليون مريض، ويتدرب فيها كل سنة نحو 6 آلاف طبيب، ويتخرج منها 12 ألف طبيب.

ولا أحد يعترض بطبيعة الحال على إيجاد كيان موحد ينسق عمل المستشفيات الجامعية فى كل محافظات مصر، شرط حيدة المعايير والجهات التى تتولى عمل ذلك. ومن المجدى أن يبحث القانون عن آلية تمكن أعضاء هيئات التدريس من التفرغ للعمل، على أن ترفع رواتب هؤلاء بما يمكنهم من العيش الكريم والجمع بين مهام التدريس والعلاج والبحث العلمى والتدريب، وأن تكون بقواعد شفافة عادلة فى التعامل مع أوضاعهم دون انتقاء أو اصطفاء.

ولا يجب الاعتراض على سعى القانون الجديد لتخفيض تكاليف شراء الأجهزة والمستلزمات الطبية والأدوية من 85 مليون دولار إلى 13 مليون دولار، إذا كان الفرق بين الرقمين أموال مهدرة، وليست خصماً من تكاليف الخدمات المجانية للمرضى.

نحن نعلم أننا فى حكومة جزء من برنامجها الاقتصادى هو الخصخصة، وما نحن بصدده الآن حالة من المراوغة من أجل تسعير الخدمات المجانية فى المستشفيات الجامعية، والالتفاف سعياً لخصصختها، وإلا بالله عليكم ما هو التفسير الذى يفهم من تصريحات مسئولى وزارة التعليم العالى التى تتبع إليها المستشفيات الجامعية من ضآلة التمويل الذى تقدمه الدولة للمسلزمات الطبية ويبلغ 2مليار جنيه، لكى يحصل المريض منه على 125 جنيهاً دعماً فقط، بينما موازنة تلك المستشفيات تصل إلى 11 مليار جنيه، بما يستوجب أن يكون التمويل على قدر معدلات التشغيل، إذا لم يكن فتح الباب للقطاع الخاص لسد عجز الموازنة؟

فهل يعقل والدولة تقود مشروعاً قومياً لمكافحة الأمراض المتوطنة، أن نفتح ثغرة فى قطاع آخر كى تتوطن غيرها من الأمراض؟، وهل من باب الحكمة والعقل والسياسة الرشيدة أن نفتح معارك مع أطباء المستشفيات الجامعية، ونحن نواجه ظاهرة هجرة آلاف الأطباء الأكفاء من ذوى التخصصات الدقيقة والنادرة للخارج، وإحجامهم فى الداخل عن العمل فى المستشفيات الحكومية لضعف المرتبات وهزال الخدمات العلاجية المقدمة للمرضى؟

أوقفوا هذا التحايل وتلك المرواغة، وابحثوا عن سبل غير الخصخصة لدعم أطباء تلك المستشفيات وتحسين أجورهم، وترقية أوجه الخدمات الطبية لعلاج ملايين المرضى، إذا كنا حقاً نسعى بالخروج من هذا الوطن من أزماته.