رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صواريخ

يأتى منتدى افريقيا أوروبا الذى يعقد بالنمسا بعد أيام قليلة من منتدى افريقيا 2018 الذى عقد بمدينة شرم الشيخ منذ أسابيع قليلة.. وأيضا فى وقت تثير فيه جماعات السترات الصفراء قلقا بالغًا ليس فى فرنسا وحدها وإنما فى أوروبا بشكل عام، وبنظرة تحليلية لما يجرى من حروب تجارية فجرتها الولايات المتحدة مع الصين وغيرها من الدول منذ عدة أشهر والأحداث المتسارعة فى منطقة الشرق الأوسط يمكن أن نعرف الأسباب الجوهرية والحقيقية وراء الاهتمام بقارة افريقيا فى الفترة الأخيرة.

بداية فإن انفجار المظاهرات فى فرنسا وخروج أصحاب السترات الصفراء على كل التقاليد والأعراف فى مظاهراتهم نحو احداث عمليات شغب وحرق بسبب زيادة أسعار المحروقات 10٪ ومحاولة تكرار ما يحدث فى فرنسا فى هولندا وبلجيكا يكشف عن أن السبب الحقيقى لارتفاع الضجر بين الشعوب الأوروبية ليس عملية الزيادة التى حدثت فى المحروقات، وإنما هى عملية تباطؤ النمو بشكل عام منذ عدة سنوات إلى حد أن النمو فى بعض الدول الأوروبية لم يزد على 2٪ وهو أمر طبيعى فى ظل الثورة الصناعية التى حدثت فى قارة آسيا وفى كثير من دول العالم، والتى أفقدت أوروبا الميزة التى اعتمدت عليها لسنوات طويلة واحتكرتها لسنوات طويلة استطاعت من خلالها تحقيق معدلات نمو عالية وحققت من خلالها ثروات هائلة وجعلتها رائدة فى اقتصاد العالم.. وأمامنا نموذجان على سبيل المثال مثل الصين التى تحولت إلى كبريات الدول الصناعية وحققت معدلات نمو خيالية فى آخر عقدين وانخفضت معدلات الفقر من 80٪ إلى حوالى 12٪ وتضاعف اقتصادها عدة مرات.. أيضا الهند التى فاجأت العالم وتحولت إلى مركز تصنيع التكنولوجيا الأول عالميا وحققت معدلات نمو كبيرة وانتقلت إلى مصاف الدول الاقتصادية الكبرى بعد أن كانت من أفقر الدول.

كل هذه التحولات الاقتصادية الهائلة جاءت خصمًا من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية التى حاولت حماية اقتصادها بحروب تجارية وعسكرية بعد أن هددها الاغراق الاقتصادى وانكمش تصنيعها أمام المنتج الأجنبى، ولم تعد هذه الدول تمتلك ميزة التصنيع إلا فى بعض المنتجات العسكرية القليلة والتى دخلت أيضا الصين وروسيا فى منافسة دول الغرب عليها، وباتت الدول الغربية بشكل عام أمام منافسة صعبة مع باقى دول العالم وأصبحت اقتصادياتها على المحك بسبب جمود عمليات النمو التى لم يعهدها مواطنوها على مدار نصف قرن مضى.

من هنا جاء الاهتمام بافريقيا، ولكن بنظرة جديدة بعد أن كانت منذ قرن فى شكل احتلال واستعمار مباشر.. الآن مازالت افريقيا القارة البكر سواء من حيث الثروات والموارد الطبيعية التى لم تستغل حتى الآن أو من الموارد البشرية الكبيرة حيث يزيد تعدادها على مليار و200 مليون نسمة معظمهم من الشباب والقوى العاملة، والأهم أنها لا تزال أكبر سوق تجارى عالمى لأنها حتى هذه اللحظة لم تلاحق ثورة التصنيع التى عرفتها معظم دول العالم.. وإذا كان ظاهر منتدى افريقيا أوروبا الآن فى النمسا هو مساعدة الدول الافريقية فى التغلب على مصاعبها الاقتصادية بسبب التحديات الأمنية والصراعات الأهلية.. فإنه على جانب آخر افريقيا وبطبيعتها الجغرافية تشكل امتدادا لأوروبا وفرصة حقيقية لاعادة التوازن لاقتصادها شريطة أن يكون هذا التعاون على أسس حقيقية.. وعلى الدول الافريقية الكبرى مثل مصر وجنوب افريقيا والجزائر ونيجيريا أن تعى حاجة أوروبا الشديدة الآن لافريقيا وأن تنفق أولا فيما بينها حتى يعود التعاون والتكامل مع أوروبا بالنفع على شعوب القارة الافريقية قبل شعوب القارة الأوروبية.