رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

منذ سنوات اتصلت بالكاتب الجميل يحيي حقي لإجراء حوار معه.. وكنت مطمئناً من موافقته، فهو رجل لطيف وبديع للغاية، ولكنه فاجأني بطلب غريب وقتها.. «حتدفع كام؟».. ويبدو، بوداعته، استشعر حرجي فاخذ يبرر طلبه.. وكان محقاً بالطبع.. لأننا اعتدنا المجانية في كل شيء.. من أول الحصول على الشهادة الدراسية حتى الحصول على البيجامة الكستور.. ولأننا لا ندفع ثمن الأشياء.. أصبح كل شيء رخيصاً.. وكل شيء بلا قيمة!

وعندما يكون للقراءة ثمن.. يكون للكتابة مقابل، وكلما زاد عدد القراء، قل عدد الكتّاب الفقراء.. وإذا لم ندفع ثمن الكتاب لن نجد كتاباً قيماً ولا كاتباً ذا قيمة!

والكاتب العبقري نجيب محفوظ، لو لم يكن موظفاً، ما كان كتب ما كتبه، ورغم ذلك فقد كان لديه قراء يدفعون ثمن ما يكتب مع أنه كان لا يوزع أكثر من ألفي نسخة في العام أو بعد عامين من صدور كل رواية جديدة.. إلا أن هؤلاء الألفين كانوا يدفعون الثمن، بما يكفي لجعل محفوظ يستمر في الكتابة ودار الطباعة تستمر في النشر، الآن يمكنك تحميل كل كتب محفوظ وكل كتب ادباء مصر والعرب والعالم من على الانترنت.. من أول كتاب الموتى عند الفراعنة حتى أصغر كتاب لأصغر كاتب لا يعرفه غير أصدقائه على المقهى.. ورغم ذلك لا أحد يقرأ منهم كتاباً واحداً.. ولا أحد يعرف قيمة ما حمله.. لأنه لم يدفع ثمن كتاب واحد!

وقديما.. عندما كان يمتهن رجلاً الكتابة، يقولون.. افتقر الرجل.. ولذلك جالس الشعراء والأدباء الخلفاء والملوك والسلاطين للحصول على العطايا والهبات.. ويوماً قال رئيس الوزراء البريطاني الشهير ونستون تشرشل ( 1874 – 1965) وهو ضخم الجسم، ساخراً من الكاتب الإيرلندي برناردشو (1856 – 1950 ) المعروف بجسده النحيل.. من يراك يا أخي برنار، يظن أن بلادنا تعاني أزمة اقتصادية حادة، وأزمة جوع خانقة.. فأجابه برناردشو.. ومن يراك يا صاحبي، يدرك فوراً سبب الأزمة!

وفي البلاد الفقيرة كتّابها فقراء.. فقراء.. وكذلك في البلاد المتخلفة حضارياً حتى ولو كانت غنية، يظل الكاتب فيها أفقر الناس إذا قيس بدخله من الكتابة، سواء الأدبية أو العلمية أو الصحفية.. وكذلك القراء فيها لا يشترون الكتب حتى ولو كانوا اغنياء.. ولكن يهوون شراء الكتّاب.. وفي هذه البلاد الكاتب يعني الفقير والكتابة تساوي الفقر! وفي المجتمعات المتحضرة.. قراؤها يشترون الكتاب حتى ولو كانوا فقراء ولذلك كتّابها أغنياء.. والروائي الأمريكي جيمس باترسون هو الأعلى دخلا بين كتّاب العالم في 2018 بحصوله على 86 مليون دولار من مبيعات هذا العام فقط!

وذكرت مجلة فوربس الأمريكية أن مجموع أجور 11 كاتباً لهذا العام بلغت 283 مليون دولار.. منهم كاتبة بريطانية واحدة و10 من أمريكا.. ولا عزاء لكتابنا الفقراء!!

[email protected]