رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

 

قبل أعوام ليست بالكثيرة، قبل أن نسعد بقدوم العصر الرقمي، كانت كتابات كثيرة وخاصة من جانب المفكرين المهتمين بأحوال المستقبل، تشير الى قضية الخصوصية وكيف أن العصر الرقمي سيحمل معه قيمًا وأنماط معيشة جديدة تنطوي على انتهاك خصوصية الانسان. ولَم تكن مثل هذه الكتابات والأحاديث تثير المخاوف مما هو قادم. ولكن مع مضي السنين، وحلول العصر الرقمي بذاته بيننا، رأينا رأي العين ولمسنا بأنفسنا ما كان يحذر منه البعض، وعانينا ومازلنا نعاني من تداعيات وآثار هذه الانتهاكات.

بادئ ذي بدء، لابد من الاعتراف بأن انتهاك الخصوصية يبدأ أساسا في معظم الأحوال بقيام الشخص طواعية بالكشف عن البيانات والمعلومات الخاصة به الى إحدى الجهات التي يتعامل معها، سواء كانت جهة رسمية او جهة أهلية  او كانت احدى منصات السوشيال ميديا وما الى ذلك من الجهات التي يتطلب التعامل معها الكشف عن معلومات معينة تخص الانسان. ومن المفروض أن هذه المعلومات تحظى بالسرية ولا يجوز الكشف عنها الى أي جهة أخرى إلا بعد الرجوع الى صاحب المعلومات والحصول على موافقته الشخصية.ولكن المفروض شيء والواقع شيء اخر تماما. فقد اكتشف الجميع أن البيانات والمعلومات تمثل ثروة لمن يحوزها بين يديه. وبالتالي تمت عمليات بيع وشراء معلومات تخص ملايين الاشخاص في جميع أنحاء العالم. ومن أشهر تلك العمليات ما تكشف من تسريبات عن بيع بيانات تخص ملايين المتعاملين مع شبكة التواصل الاجتماعي العملاقة فيسبوك. وقد مثل رئيس الفيسبوك زكربيرج امام الكونجرس الأمريكي حيث قدم اعتذارا عن تسريب بيانات المتعاملين مع الشبكة الشهيرة. ولكن الأمر لا يقف عند حدود الانتهاكات الكبيرة التي تخص ملايين البشر. فهناك طوال الوقت عمليات بيع وشراء للبيانات الخاصة بالبشر لأنها تهم قطاعات كثيرة من الشركات التجارية وشركات الإعلان، وشركات الاتصالات، والجمعيات الخيرية وغيرها كثير.

وفِي كل مرة يتصل بك شخص لا تعرفه وتشعر بأنه يعرف عنك الكثير، وبعد قليل من الأخذ والعطاء معه يقوم بمحاولة بيعك شيئا ما، تأكد أنه حصل على معلومات تخصك حتى ولو لم تكن انت قدمتها مباشرة له. فسوق البيانات متاحة ويجري بيعها من يد الى يد طوال الوقت. ويكون الإنسان العادي أو الزبون ضحية دائما لعمليات مطاردة سمجة عبر التليفون لبيعه بضاعة ما لا يرغب هو أصلا فيها، وتشتد عملية المطاردة وتزداد ضراوة إذا ما توفرت لديهم معلومات تفيد بأن الزبون لا يملك السلعة أو الخدمة المعروضة عليه. وقد تعرضت شخصيا لمثل هذا الموقف حينما قمت بتغيير الشركة التي كانت تمدني بخدمة الإنترنت. ونظرًا لبطء عملية الانتقال من شبكة الى أخرى قمت بتغيير الاشتراك على خط تليفون آخر لدي. وبالتالي فإن البيانات المتداولة عني كانت ناقصة وملخصها أني زبون محتمل لشركات الإنترنت. وعبثا أحاول أن أشرح لجحافل رجال المبيعات من موردي الخدمة أنني أملك خدمة جديدة علي خط جديد وإنني لا اريد ولا احتاج الي خدماتهم، ولكن هيهات، وقد رضخت للأمر الواقع وأصبحت أرد على مكالمة وأفوت ثلاث مكالمات، فكلها والحمد لله من أصدقائي رجال المبيعات. مع تحياتي للخصوصية في العصر الرقمى.