رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نقطة ساخنة

 

 

الحروب الدينية هى التى يكون الدين فيها عنصرًا محركًا.. وليس بالضرورة أن تقع الحرب الدينية بين اتباع دينين مختلفين، بل يمكن أن تشتعل بين أبناء الدين الواحد لأسباب مذهبية.. مثل الحرب التى نشبت بين الكاثوليك والبروتستانت فى فرنسا فى القرن السادس عشر الميلادى.. والحروب التى قامت بين العباسيين والفاطميين فى القرن الرابع الهجرى.. أو التى تحاك الان بين الشيعة والسنة.. أما أشهر الحروب الدينية فى التاريخ، فهى الحروب الصليبية التى شنها المسيحيون الأوروبيون على الشرق الاسلامى بهدف احتلال القدس واستعادة كنيسة القيامة من السيطرة العربية الاسلامية.. وقد اشتعلت هذه الحروب بعد الخطبة الشهيرة التى ألقاها البابا «أبوربان» عام 1095 ميلادية فى حشد جماهيرى، ودعا فيها إلى الجهاد المقدس، ووعد المحاربين بالغفران الكامل عن ذنوبهم، فاشتعلت حماسة الجماهير وانطلقوا يحملون شارة الصليب.. ومن هنا جاء اسم الحروب الصليبية التى استمرت قرنين، أريقت فيها دماء الملايين من المسلمين والمسيحيين!!

وجاءت الدراسات التاريخية الحديثة لتثبت براءة المسيح والمسيحية من هذا الادعاء، وتؤكد أن الغرض الحقيقى منها، هو التوسع الاستعمارى واحراز المغانم تحت قناع من الدعاية الدينية، وأن السبيل إلى ذلك هو الاستيلاء بالقوة المسلحة على فلسطين، وتأسيس مستعمرات حتى تكون رأس جسر لدول الغرب، يستخدمونه لتفتيت وحدة العالم العربى وعزل مصر أكبر قوة عربية اسلامية، عن الشام وما وراءه من تخوم!!

المؤرخون الأوربيون أنفسهم أكدوا، أنه ليس كل الذين حملوا الصليب كانت تدفعهم اعتبارات دينية.. فكثير من النبلاء كانوا يطمعون فى تأسيس إمارات لهم هناك.. فضلاً عن فئات عديدة من المغامرين واللصوص والقتلة والمجرمين وقطاع الطرق والخارجين عن القانون وحثالة الشعوب قدموا من مختلف البلدان الأوروبية مدفوعين بعوامل شتى، أهمها السيطرة والاطماع والسلب والنهب، وأقلها بلاشك العامل الدينى.. وهكذا تحت ستار الدين قامت جحافل الصليبيين من أوروبا نحو الشرق، وتمكنت فى عام 1097 ميلادية من إقامة المستعمرات الصليبية.. ولم يتحقق لهم هذا الانتصار إلا بسبب انقسام العرب والمسلمين.

وفى القرن التاسع عشر بدأت أوروبا تشن هجماتها الاستعمارية الشرسة على كل انحاء العالم العربى، بدءًا من حملة نابليون على مصر وسوريا، ثم الاحتلال الانجليزى.. وفى غضون الوجود الاستعمارى الغربى نشأت فكرة إقامة وطن قومى لليهود على أرض فلسطين.

وفى داخل إسرائيل، وبعيدًا عن الشكل الديمقراطى الزائف، تهيمن قوتان لا ثالث لهما.. الحاخامات والجنرالات.. يجمع بينهما هدف واحد هو إقامة الدولة اليهودية من النيل إلى الفرات والسيطرة الكاملة على كل البلدان العربية، وإعادة بناء هيكل سليمان على انقاض المسجد الأقصى.

فى إسرائيل الحاخامات ينطلقون من بواعث توراتية هدفها إزالة المسيحية والاسلام من فلسطين.. ولم يكن صدفة أن تصدر من إسرائيل الاهانات الوقحة لرموز هذين الدينين.. ولم يكن صدفة الوقيعة بين المسيحيين المصريين والمسيحيين الاثيوبيين فى القدس فيما عرف بأزمة دير السلطان وهو أملاك مصرية.. وليس صدفة أن تحفر إسرائيل عشرات الانفاق أسفل المسجد الأقصى لهدمه.. ولم يكن صدفة تطويق كنيسة القيامة وإهانة رهبانها وترويعهم.. أما الجنرالات يتحركون من أجل تسخير العسكرية الإسرائيلية لخدمة أمريكا التى تضخ دماء القوة فى شرايين إسرائيل.

نفس المخطط القديم.. ونفس اللعبة القديمة التى ابتكرها الصليبيون باسم الدين لغزو فلسطين واحتلالها.. هى نفس المخطط ونفس اللعبة التى تمارسها أمريكا الآن بهدف ابتلاع القدس تمامًا، وإزالة الوجود الاسلامى والمسيحى من فلسطين المحتلة، لتصبح دولة يهودية خالصة.. فلم يكن صدفة صدور "قانون القومية" العنصرى الآن، وهو القانون الذى يمنح حق تقرير المصير على الأرض المغتصبة لليهود فقط.. ولم يكن صدفة نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس!!

لقد مرت المرحلة الأولى من صفقة القرن، أو صفعة القرن كما أحب أن أسميها، مثل السكين فى الزبد.. بينما العرب مغيبون رغمًا عنهم خوفًا على عروشهم.. وسوف تمر المرحلة الثانية والثالثة والأخيرة وسوف يبتلعون فلسطين كلها.. ونحن مغيبون هذه المرة برغبتنا!!!!