رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بين السطور

من لم يكفه الموت عظة، فلا عظة له. لقد نشرت الصحف والمواقع الإلكترونية العديد من مبادرات أطلقتها مجموعات شبابية فى عدة محافظات بمساعدة كبار هذه القرى لتنظيف المقابر للقضاء على أى تراكمات ونقل وتجنيب عظام الموتى، إلى هنا والخبر عادى جداً.. أما ما نتج عن التنظيف يندى له الجبين وهو العثور على أعمال سحر وسرنجات ماكس ودجل، وملابس داخلية حريمى ورجالى، سرنجات ماكس، وزجاجات خمور وبيرة، وزجاجات عطور، وبيروسول، وطلق خرطوش، وكمية كبيرة من الملابس المستعملة والمستخدمة لمن يستخدمون سطح المقابر للفسق والفجور. فى حملة التنظيف، وعلى الرغم من أن ما عثر عليه من سحر يعتبر ضمن موروثات السحر والخرافات فى الريف المصرى، فما بين الموروث الشعبى للسحر وتوابعه وبين تجارة المخدرات التى غزت الأرياف مؤخراً ودمرت أخلاق البعض هناك أدى كل ذلك إلى انتهاك حرمة المقابر واقتحام قدسيتها بل تخطى الأمر إلى ارتكاب أفعال فاضحة بها وعثورهم على ملابس لهؤلاء الفسقة الذين لم يحترموا قدسية الموتى. وبعيداً عن هذا وذاك، لقد كشفت دراسة أجريت أن المصريين ينفقون سنوياً‏ على أعمال السحر والدجل‏، ‏ أكثر من عشرة مليارات جنيه،‏ كما كشفت الدراسة عن أن‏ أكثر من 50% من المصريين يؤمنون بالخرافات‏ وأن أكثرهم من المتعلمين‏. ‏ قد لا تكون هذه الأرقام مدهشة لأى من الباحثين فى هذا المجال‏، لكن مفاجأة الدراسة كانت تتلخص فى أن هناك أكثر من ‏299‏ ألف شخص يعملون بمجال الدجل والشعوذة فى مصر فالسحر‏ أصلاً من الأمور المحرّمة واستخدام أجساد الموتى فى السحر يعد من الجرائم البشعة‏. والصادم فى الدراسة أن‏ نصف النسبة النسائية‏ من النساء تقريباً يؤمنّ بدور الدجالين فى حل المشكلات المستعصية، خاصة مع أزواجهن، الناظر إلى صور المخلفات وأعمال السحر المستخرجة من عمليات التنظيف يجد أن العقول المنهجية والخلاقة المنتجة للأفكار والإبداعات توقفت‏، ‏ لتسود قيم التغييب التقليدية،‏‏ كما تؤكد دراسة أجريت لآلاف البرديات أن المصرى القديم عرف السحر وبرع فيه، لقد أكد من قام بالحملات أن أكثر الأعمال السحرية التى وجدوها تهدف لـ«وقف حال البنات» و«الموت» و«التفريق بين الأزواج» و«الإصابة بالأمراض مثل السرطان»، مشيرًا إلى أنها أمور تتعلق بـ«الربط» عن طريق تسخير «الجن الشرير لإلحاق الأذى بالإنسان». إن المعتقدات الشعبية تشبه الحلقة المفرغة‏، الكل يدور فى فلكها دون معرفة ماهيتها،‏ وتكتب لها الاستمرارية لأنها موروثة من الأقدمين. ‏ إن استخدام المقابر بهذه الطريقة والأساليب الشاذة والمنافية للأديان. هو وضعية كارثية تعجز الألسن حتى عن ذكرها تعيشها مقابرنا منذ سنوات، فمن المفترض أن تكون هذه المقابر عنواناً للاستقرار الأبدى للموتى، إلا أن فئة ضالة من البشر فضلت أن تمارس طقوس السحر والشعوذة وتدنس كل عزيز وتتحدى كل رقيب بممارسة أشياء تقشعر لها الأبدان من نبش القبور والعبث بجثث الموتى ووضع السحر والشعوذة فى التربة المقدسة، وداخل أجسام وجماجم وأفواه الموتى، وانتهاك حرمة هذه الأمكنة التى تعتبر المأوى الأخير لكل إنسان. إن المقابر أقيمت لدفن الموتى ومواراة أجسادهم التراب، كما أن الأحياء يزورونها للاتعاظ ليشعر الحى بنوع من الرهبة والخوف من الله الحى المميت وأن تقشعر من زيارتها الأبدان الحية لأنها حتماً سوف تسكنها ذات يوم مهما جابت تلك الأبدان الأرض من مشرقها لمغربها، فلا بد من يوم محتوم توضع فيه الأبدان بداخل تلك القبور التى يدنسها بعض الأحياء. لقد حرص الإسلام على تكريم الإنسان حياً وميتاً حتى بعد وفاته، وتكريمه بالدفن، قال رسول (صلى الله عليه وسلم): «تداووا ولا تداووا بمحرم» كما نهى النبى (صلى الله عليه وسلم) عن تصديق العرافين والدجالين والسحرة وقال الرسول (صلى الله عليه وسلم): «من صدق كاهناً أو عرافاً كفر بما أنزل على محمد». ليتنا نترك هذه الخرافات والبدع والأعمال السحرية ونتوب إلى الله.. «واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله».