رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية وطن

واضح أن الدكتور عزالدين أبوستيت وزير الزراعة، لم «يشوِّط» على غيطان القصب منذ فترة طويلة تسبق توليه منصبه الوزارى لأنه كان مشغولاً قبل ذلك فى الجامعة، وهذه  الغربة جعلته يتعامل بأسعار تكلفة الانتاج القديمة للمحاصيل الزراعية وعلى رأسها محصول القصب أكثر المحاصيل استنزافًا لجيوب المزارعين وتحدث الوزير عن هذه التكلفة وكأنه كان يستدعى أيام الجنيه الجبس ولو كان قد تناول فى حديثه أمام لجنة الزراعة بمجلس النواب التكلفة بسعر اليوم لكان قدم اعتذارًا للمزارعين وعلى رأسهم مزارعو القصب بالذات، ووجه إليهم رسالة شكر عن طريق النائب هشام الشعينى رئيس لجنة الزراعة وزعيم الصعايدة علي صبر أيوب الذين يكملون به وجبة الحلو بعد مص القصب فى السهراية أيام الشتاء وتأخذهم الأحاديث عن المحصول اللى ما جايب همه!!

أعرف وزير الزراعة انه من كبار عائلات سوهاج، ملاك الأراضى ولم يتنصل انه مزارع، وهذا تواضع يحمله له الصعايدة فى حنايا القلب، حيث قال أمام لجنة الزراعة بمجلس النواب: يشرفنى اننى مزارع قصب قبل أن أكون وزيرًا، وكانت المناسبة مناقشة زيادة سعر توريد محصول قصب السكر فى العام الجديد الذى أوشك على البدء.

معظم أعضاء اللجنة يعرفون كل كبيرة وصغيرة عن «المر» الذى يشربه المزارع من بداية زرع محصول القصب حتى توريده إلى شركة السكر، و«العذاب» الذى يكتوى به حتى يحصل على مستحقاته بعد أن يكون البنك الزراعى حجز عليه فى الوقت الذى تفرض عليه شركة السكر صرف حقوقه على دفعات!! تبدأ بعد عدة أشهر من توريد أول عربة قصب!! لجنة الزراعة البرلمانية بالاتفاق مع جمعية منتجى القصب اقترحت رفع سعر توريد طن القصب من 720 جنيها إلى 1000 جنيه هذا العام، بعض النواب نزلوا المبلغ إلى 900 جنيه، وإذا تم الاتفاق على أى من مبلغى الزيادة يكون الفلاح قضاها مستورة، وقدر يدبر قرشين يجوز الواد أو البنت أو يصرف على الأبناء الذين مازالوا فى مرحلة التعليم، أو يوفر قرشين لاستئناف زراعة المحصول الجديد. انت تعلم يا معالى الوزير أن بعض مزارعى القصب فى بلاد السكر من محافظات الصعيد ملكياتهم محدودة تبدأ من قراريط إلى بضعة فدادين، البعض مستأجر الأرض، ولا يمنع غيابك عن زيارة حقول القصب التى تملكها فى سوهاج وحرمت الصعايدة أهلنا هناك من جلوسك معهم فى الغيط بالجلابية والعباية والشال الملفوف حول رقبتك، وفى يدك الخرزانة.. وانت جالس وسط العمال تشرب الشاى السخن، وحولك الأهل والأحباب، لو جلست فى الغيط يا معالى الوزير لسمعت حكايات تجعلك تستحدث للمزارعين جائزة الصبر علي البلاء!! فعندما تعترض سيادتك أمام لجنة برلمانية على رفع طن القصب، ويكون قلبك على شركة القصب، وتتجاهل المزارع طافح الكوتة كدة يزعل منك أصحاب الأيادى الخشنة، وانت تعلم أن القصب زراعة موسمية، يعنى ينتج كل عام، فعندما تقدر تكلفة الفدان بـ18 ألف جنيه، وتقدر عائد الفدان بـ28 ألف جنيه على اعتبار أن الفدان ينتج 40 طن قصب بسعر 720 جنيها للطن وبعملية حسابية يكون عائد المزارع عن الفدان 10 آلاف جنيه، وهذا طبعًا ليس حقيقيًا فى الواقع، لو سألت مجربا وهو الفلاح لاكتشفت انه يتحمل مرة ونصف التكلفة التى قدرتها للفدان، واسأل المزارع عن السهد وسهر الليالى أمام زعازيع القصب حتي تستوى، واسأله عن السماد، والحرث، والرى، والعزيق وجمع الحشائش المتطفلة، والتربيط، والكسر، والشحن، والنقل، والحراسة، والقلواح.. اسأل يا معالى الوزير، والمزارع يقول لك التكلفة الحقيقية وعائده الحقيقى.

ولو فرض أن عائد الفلاح من فدان القصب عشرة آلاف جنيه فى العام، معناه أنه يحصل على حوالى 840 جنيهًا فى الشهر فهل هذا المبلغ كاف يا معالى الوزير مصروفات أسرة فى الصعيد، وأحيانًا الأسرة تكون عائلة بالكامل، وانت تعلم ضيق مساحات الأراضى لمعظم الصعايدة، ومعظمها إيجار وليس ملكًا.

أدعوك يا معالى الوزير أن تراجع سعر تكلفة الانتاج مرة أخرى كما وعدت، ولا تظلم المزارعين لانك فى الأصل مزارع، وأنا كاتب هذه السطور أيضاً مزارع، وأزرع القصب فى المراشدة وأتعامل مع شركتي القصب في نجع حمادى ودشنا، ومثلك لم أزر الحقول منذ فترة طويلة لكن ما يصلنى من أخبار عن الارتفاع الفاحش فى تكلفة انتاج قصب السكر بطعم العلقم، رغم اننا نبيع السكر، فلا يجب أن نتجرعه قهوة سادة!!