عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

تستحق الحياة من يعشقها، والأصل في عبادة الله أن نحبه إلى درجة الإيمان به والاتحاد مع جمال صنعه وجلال قدره - والظاهر بالضروره في علاقتنا بالخالق أننا نذهب لدور العبادة ونصلي له ونمتنع عن أشياء نحبها خوفًا منه ومن العقاب الذي توعدنا به في كتبه وعلى ألسنة رسله إن خالفناه أو خرجنا عن طاعته.

 الله يحث الناس على التفكير والتأمل إلا أن وكلاء الأديان على مر التاريخ جعلوا بمنطقهم المضلل حدود الدين تبدأ عندما تنتهى حدود العقل، وهنا يصبح الإيمان  تسليما بما هو غير معقول بالضروره.

عقلنة الإيمان أو على الأقل الجانب الحياتي منه سيكون كفيلا بتأسيس علاقة أخلاقية بين الإنسان ومعتقده.. وللأسف صار الواقع الذي نتستر عليه أن ولاءنا الظاهر لله والباطن لأنفسنا ورغباتنا وحتى ضعفنا.. انسحاب الدين على الحياة نقل معه الطاعة من حالة طاعة الخالق خوفًا إلى طاعة المخلوق لمخلوق مثله نفاقًا .. قوة الآلهة منذ فجر التاريخ سواء الذين صنعهم الإنسان بمخيلته وحاجاته ومخاوفه أو الخالق الذي صنعنا وسوّانا- هذه القوة سرقها شيوخ القبائل والملوك والسلاطين من فجر الاستبداد ليتحكموا باسم الله ونيابة عنه في مصائر الناس، ومن يخرج عليهم كمن عصى السماء ماداموا يدعون ما يدعون باسم الله واستلهام قوانينهم من شريعته.

  شعار السلاطين منذ طفولة التاريخ أن « الظلم خير من الفوضى ».. هذه الثقافة السلطوية المحصنة ضد العقل والحق والفضيلة انتقلت من القصور ودور العبادة إلى شوارع الجماهير وأزقتهم ليتحول أبسط الناس إلى حاكم وآمر ومحتكر للحقيقة، والخلاصه أننا أصبحنا  كمجتمع  كله ظالم ومظلوم وقاهر ومقهور وقاضٍ وجلاد ولص وشهيد وبطل وخائن وحر وعبد.

 المجتمعات التي يقدر لها السقوط  في هذا الجب التاريخي  يصبح خروجها منه صعبًا وكلما حاولت القفز خطوة نحو السطح انزلقت خطوتين نحو القاع .. طول زمن التخلف وإقصاء العقل وتعطيل وظائفه يدمر في الإنسان خلايا الوعى ورفض الواقع الذي من أبرز سماته الكذب والعيش في عالم افتراضي نحن نفصله على مقاس إحباطاتنا لنحولها ونحن في قمة الضعف والفشل إلى بطولات زائفة.. يعني مجتمع «دينكشوتي» يصر على حسم معركته مع الصواريخ الموجهة بالليزر بالنبابيت الموجهة بالدين والعرف.. طالت كثيرا أزمان جمودنا وكلما امتدت أزمنة الصمت تحول الخوف إلى عقيدة ويصبح الكلام - أي كلام - خطرًا على الأمن القومي وتهديدًا للموتى من «الأحياء» بأن الفوضى ستقض مضاجعهم وتعصف بقبورهم الدنيويه..

 البطوله اليوم في إنتاج المصانع والحقول ومراكز البحوث ومستويات التعليم والرعاية الصحية وقوة العمل وجودة الحياة واختيار الحكام ومحاسبتهم وصياغة الدساتير واحترامها.. العلم إيمان والجهل كفر، وحروف كلمتي فكر وكفر واحدة والاختلاف في تقديم وتأخير حرف الفاء - هذا الحرف الذي على حدوده كم أريقت من دماء واختلقت من أوهام وكم لبس المنافقون أثواب القديسين وكم دفع أبرياء حياتهم ثمنًا لتجرئهم على الغناء في أوطان تحرم التفكير لأنه سريع العدوى ومقلق لنوم السلف.. وفي أي عقيدة دينية أو سياسية عندما يصبح كل شيء حرامًا إلا الطاعة - تفقد الطاعة معناها اللغوى والإنسانى لتتحول إلى دستور غير معلن مادته الأولى تحاول إقناع الناس بأن الظلم خير من الفوضى وأن من تسد سلطته وجبت طاعته.

 البعض يقول إن القطار قد فاتنا كمجتمعات وإننا خارج التاريخ والزمن..هذا غير صحيح لأن الفرص لا تموت وإنما يموت أصحابها الذين لا يستحقونها.