عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صواريخ

 

يخطئ من يعتقد أن أفريقيا اليوم هى أفريقيا الستينيات أو حتى التسعينيات.. أفريقيا الآن مختلفة كثيراً بعد أن عرفت طرق وأسباب التنمية، وتحول بعضها الى الديمقراطية الحقيقية، وانتقلت من الفساد والتخلف الى التنمية والحداثة، وارتفع معدل النمو الاقتصادى  فى بعض الدول الأفريقية الى أكثر من خمسة با لمائة سنوياً، لذلك  جاء التغيير سرياً وملحوظاً خاصة فى البنية الأساسية وأصبحت  بعض الدول الأفريقية تضاهى أكثر الدول حداثة.

من هنا وجب علينا جميعاً أن نعرف أفريقيا الجديدة التى عدنا اليها بعد غياب طويل.. حتى نعى كيف  نتعامل ونتشارك معها خلال الفترة القادمة، وتكون لهذه المشاركة  جدواها على شتى المستويات، ولعل انعقاد منتدى أفريقيا 2018 الذى عقد بشرم الشيخ منذ أيام يكون كاشفاً لثقافات قديمة مازالت راسخة فى الأذهان عن أفريقيا منذ عقود مضت.. والمؤسف أن بعضنا مازال يتعامل بنفس هذه الثقافة ورأينا بعض الأقلام ومقدمى البرامج ينساقون على هذا النمط الى حد أن البعض وصف هذا المنتدى على أن مصر تقود أفريقيا الى التنمية، وذهب البعض الى حالة من الشطط عندما رأى أن مصر تعود الى أفريقيا لإنقاذها من التخلف والجهل، وجميعها آراء تضر أكثر مما تنفع، وكانت سبباً فى ابتعاد مصر عن محيطها الأفريقى منذ عدة عقود عندما شعروا أن هناك نظرة فوقية واستعلائية تجاههم، وأدت لذهاب بعض الدول الى شطط مقابل فى إقامة علاقات مع إسرائىل لتبادل المصالح والمنافع.

كان من الأجدى والأولى أن يركز بعض المحللين والاعلاميين على كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى ليستنبطوا منها رؤية مصر الحقيقية تجاه الأشقاء الأفارقة عندما أكد أكثر من مرة على أننا  نتشارك التنمية ونسعى لها معاً.. بل قال نصاً ـ اننا اليوم فى أمس الحاجة لمضاعفة جهودنا المشتركة على جميع المستويات لتعميق التعاون والتكامل الاقتصادى وتحقيق التنمية والتقدم ـ وتكررت كلمات مثل نتشارك ونتعاون ونعمل معاً ومستقبل قارتنا أكثر من مرة وكأنه يحاول التأكيد على أن نظرتنا لهم ليست كما كانت من قبل.

ولكن هذا لم يستوعبه إعلامنا وبعض محللينا فى متابعاتهم لهذا الحدث الهام، ولو تعمق هؤلاء فى وجوه الوفود ا لمشاركة واستمعوا جيداً لأفكارهم وطريقة طرحهم لملفاتهم، ودقتهم وأناقتهم على كل المستويات لفهموا أن أفريقيا الآن أصبحت تختلف عن الأمس أيام عبدالناصر.. وبتنا نحن أيضاً اليوم نختلف عن الأمس، عندما كنا أمة تشع بالحضارة والعلم والثقافة والريادة، ونقدم مساهماتها فى محيطها العربى والأفريقى على شتى المستويات ولا عيب فى أن نعترف بواقعنا الجديد بدلاً من الشعارات الجوفاء التى تضر ولا تنفع. حتى تكون عودتنا لأفريقيا على أسس متينة وحقيقية لتحقيق المصالح المتبادلة لخدمة شعوب القارة التى تعد أكبر سوق جاذب للاستثمار لامتلاكها أكبر ثروات الموارد الطبيعية، اضافة الى الثروة البشرية الهائلة التى ظلت الدول الغربية تستنزفها لعقود طويلة مقابل الفتات، والآن بعد الثورة العلمية والتكنولوجية الهائلة وتوجه القوى الكبرى لأفريقيا أدرك أبناء القارة السمراء أهمية كنوز وثروات  هذه القارة الواعدة.

علينا أن ندرك جميعاً أن عودتنا لقارتنا السمراء يجب أن يكون على أسس  ومفاهيم جديدة يأتى على رأسها ترسيخ فكرة المشاركة والمصالح المتبادلة، واحترام ثقافات و عادات أصغر الدول الأفريقية حتى وان كانت تعتمد على المساعدات الفنية المصرية.. وعلى الشباب المصرى والأفريقى أن يدركوا سنوياً حجم الجهد المطلوب والعمل والتعاون الصادق والدؤوب حتى تأخذ أفريقيا مكانتها التى تستحقها، ونرى توصيات منتدى شرم الشيخ وغيره من المؤتمرات والمنتديات وقد تحولت الى واقع ملموس ونرى على سبيل المثال طريق القاهرة ـ كيب  تاون شرياناً جديداً فى قلب أفريقيا وأيضاً الخط الملاحى بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط مما يغير وجه الحياة داخل قارتنا على شتى المستويات.