رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

هل معقول أن وزير النقل والمواصلات الدكتور هشام عرفات قام بنفسه بشراء تذكرة على حسابه لكى يستقل قطار المناشى ويطمئن على السكة الحديد؟ ولو قام بذلك فعلا لماذا فعل ما فعل والتذكرة لن تتجاوز أكثر من خمسة جنيهات، بمعنى أنها لن تمثل استغلالا ذا قيمة لخزينة الدولة؟ وما دلالة ذلك على حرص الوزير على المال العام؟ وألا يخوله منصبه أن يستقل القطار دون شراء تذكرة باعتبار أن ذلك جزء من مهام عمله؟ ولو أن الوزير قام بذلك ومعه فريق إعلامى ليلتقط له صورا مختلفة، فهل يمكن القول إن الأمر جاء عفو الخاطر هكذا دون ترتيب ودون تخطيط من فريق خاص لتسويق جهود الوزير للرأى العام بأنه يفعل الأفاعيل من أجل النهوض بالسكك الحديدية؟!

أظن أن الأمر لا يمكن أن يخيل على القارئ بأى شكل من الأشكال وأن التعبير الذى يمكن أن يرد على ذهنك مع قراءة هذا الخبر هو ذلك التعبير الشعبوى الدارج أن الوزارة تشتغلنا!! من ناحيتى كصحفى زاد فهمى لذلك الوصف الذى يطلقه العامة على ما ينشر فى الصحف من أنه «كلام جرايد»! لكن وطأة الخبر كانت أشد عليّ شخصيا، حيث إنه فى ذات الوقت الذى كان الوزير يستمع لإشادة من تذكر الصحف أنهم ركاب بتحسن الخدمة وانتظام المواعيد – السبت الأول من ديسمبر- كنت أتعرض لـ «حفلة» تأخير فى مواعيد القطارات لا يمكن أن يصدقها إنسان. الموقف بمجمله كان يعزز الفرضية التى يقوم عليها عنوان المقال، ويدعو للتساؤل بشأن الكثيرمن مقولات هيئة السكك الحديدية حول الخسائر وصعوبات التطوير وانتظام الحركة وخلافه.

كنت قد قررت الأسبوع قبل الماضى لأمر خاص السفر إلى مسقط رأسى فى طهطا، وعندما توجهت للحجز يوم الأربعاء لم أجد تذاكر على أى من قطارات نهاية الأسبوع ذهابا أو عودة بالكاد وجدت تذكرتين ذهاب ظهر الجمعة وعودة عصر السبت. رغم ضيقى إلا أننى شعرت بالفرح أن القطارات كاملة العدد وبتعبير أهل السياحة طاقتها الاستيعابية على آخرها، وهو ما يعنى ازدهارا ووفورات وأرباحا تساعد الهيئة على توفير أفضل خدمة للركاب خاصة أن التذاكر حدث بها طفرة فى الأسعار لا بأس بها.

بعد سويعات قضيت خلالها مهمتى مع أهلى توجهت للعودة إلى القاهرة وكعادتى ذهبت قبل موعدى بنحو ربع الساعة فى انتظار القطار الذى من المفترض أن يصل الثالثة عصرا ولما طال تأخره خشيت أن يكون قد فاتنى حيث إن محطتى ليست محطة قيام. ومع طول التاخير توجهت لناظر المحطة الذى أخبرنى ان القطار قادم فى الطريق وأنه ليس وحده المتأخر وإنما هناك قطارات أخرى. ظللت حتى الخامسة والربع، أى ساعتين وربع الساعة فى حالة انتظار دون أن أجد ما يشفى غليلى رحت أقتل الوقت مع جارى فى الكافتيريا الذى أخبرنى أنه متجه إلى الإسكندرية وقد قطع تذكرة قطار الفراشة – الفى أى بى – من الأقصر لعدم وجود تذاكر من محطته وبقيمة 140 جنيها. وقد تأخر قطاره الذى من المفترض وصوله الرابعة عصرا. فجأة رأفت بحالنا إدارة المحطة وراحت من خلال الإذاعة الداخلية تعلن قرب وصول قطار الفراشة – وصل السادسة بالتمام بتأخر ساعتين بالضبط عن موعده، وعن تأخر القطار 983 والذى استقله ووصل السادسة والربع بتأخر ثلاث ساعات وربع الساعة، وتأخر القطار القادم من القاهرة إلى أسوان والذى يفترض وصوله الرابعة والنصف، ولم يكن قد وصل حتى مغادرة قطارى السادسة والربع.

حينما وصل قطار الفراشة رحت أحسد هيئة السكك الحديدية وأتمنى لو أننى أنشأت هيئة مثلها لأصبح مليارديرا فى ثوان، فالقطار 12 عربة تقريبا بمتوسط 50 كرسيا بمتوسط سعر تذكرة 140 جنيها، أى أن إجمالى دخله فى الرحلة الواحدة 50 ألف جنيه تقريبا.. قلت فى نفسى : يا بلاش!!! استبعدت خواطرى الساذجة لإلتمس العذر للهيئة فى الخسائر التى تمنى بها؟ رغم أن عقلى يكذب أعذار الهيئة لأن الأمور حسب ما أرى تسير على أفضل ما يكون، لكنى لم أجد سوى كبت خواطرى.

استوعبت حالة السخرية لدى المصريين من حالة القطارات ومواعيدها واستغربت من أن الوزير أصبح ينام مرتاح البال بعد زيارة المناشى من أن القطارات على مايرام ومنتظمة كما يقول الكتاب. رحت أطرد من بالى ذلك الخبر الذى يشير إلى أن هيئة السكك الحديد فى اليابان اعتذرت للركاب لتأخر الركاب أقل من دقيقة!! فهؤلاء عالم مرفهون! وليس لنا أن نحلم بأن نكون مثلهم؟ تخيلت شخصا يحدثنى ويقول لى وماذا يفرق معك أن يتأخر القطار ساعتين أو ثلاثا وهل وقتك له ثمن؟

تذكرت صديقا لى لم يصدق نفسه عندما سافر نيويورك واستقل القطار الذى تشير تذكرته إلى أنه سيتحرك الواحدة وتسع دقائق ظهرا.. وتحرك فى موعده بالفعل. كان صديقى سيجن لماذا وتسع دقائق تلك؟ هل يمكن ان تصل الأمور إلى هذا الحد من الدقة؟ كان صديقى يتحدث بالطبع باعتبار أنه مصرى!! فهل نطمع فى الوصول على أرض الواقع، ليس لما عليه اليابان أو أمريكا وإنما لما جاء فى خيال الوزير خلال جولته المرتب لها سلفا؟ أتمنى!
 

[email protected]