رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

 

 

 

ملعونون دائماً، متهمون أبداً، هذا هو واقع رجال الأعمال فى مصر، لا يذكرهم ذاكر دون تهجم، ولا يضمهم حديث من غير اتهام، كأنهم خلاصة مخطط الغرب الاستعمارى للسيطرة على مصر، أو أولاد الرأسمالية المتوحشة الذين ينهشون أقوات الناس ويمتصون دماءهم.

فى مجتمع الأعمال التقيت كثيرين يتحرجون من صفة «رجال أعمال» ويفضلون «رجال صناعة» أو «مستثمرون» لأن رجل الأعمال صار مرادفاً فى تصورهم للص، ومجرد ذكر لفظ «رجال الأعمال» يؤدى إلى تتابع معانى الاستغلال، والعجرفة، والقهر، والانتهازية.

ربما كان ذلك نتاج الفكر الاشتراكى السلطوى الذى غمر مصر منذ يوليو 1952 وما زال يمد جذوره فى كل مكان تحت سطوة المثقفين وزعيق المتثاقفين.

فى السينما جرت من خلال أفلام «الغول» و«زمن حاتم زهران» وحتى «مرجان أحمد مرجان» عملية التشويه بشكل مُتعمد دون معنى حقيقى لذلك سوى نفاق الفقراء والبسطاء وإرهاب الأثرياء.

وفى الإعلام تم اختزال مجتمع بالكامل فى أفراد معدودين صدموا المجتمع بجرائمهم وانحرافهم وحفلاتهم المستفزة، وحتى فى الأدب صارت صياغة شخصية رجل الأعمال مقرونة بالخسة والدناءة وعدم الوطنية.

ولا شك أن ذلك أدى بطبيعة الحال إلى سلبية الصورة الخاصة برجال الأعمال فى مصر، إنهم يريدون كل شىء ولا يقدمون شيئاً، وهم متلونون مع كل سلطة، ومتحولون إلى جوار كل نظام، وهم مجرد كروش متدلية وعقول تافهة لا تعمل سوى من أجل الربح.

هكذا وصمهم الرفقاء العظام الذين ما زالوا يبشرون بالشيوعية رغم إعلان وفاتها عالمياً، وما زالوا يتحدثون عن الاشتراكية رغم سقوطها فى معظم دول العالم، وكأن هؤلاء لا يعرفون أن هناك رجال أعمال فقراء، وأن هناك مستثمرين لا ينامون الليل لأنهم مشغولون بتوفير رواتب عمالهم وموظفيهم.

لقد رأيت ما لم يره كثير من الناس بحكم عملى كصحفى متخصص فى الصحافة الاقتصادية، عرفت رجال أعمال اضطروا إلى بيع حلى زوجاتهم ليدفعوا رواتب شهور تأخرت للعمال بسبب ظروف سوق عاصف متقلب، رأيت من يستدين بالمائة جنيه من سائقه ليشترى صحف الصباح، وعاصرت مَن يصوم كل يوم طالباً من الله أن يمنحه القدرة أن يستمر قادراً على فتح أبواب أسر وعائلات عمل ذووها معه، وتابعت سراً أعمال خير لا تُقدر بثمن مولها رجال أعمال لم يذكروا أسماءهم.

وربما أتذكر يوماً قبل أيام من انتفاضة يناير 2011 وكنت قد أصدرت كتاباً بعنوان «مليارديرات حول الرئيس» وكانت صورة رجل الأعمال الدكتور عبدالمنعم سعودى، رحمه الله على غلاف الكتاب، وحادثنى الرجل الجميل قبل أن يقرأ الكتاب وقال لى: أنا أدعوك أن تأخذ كل ما لدىّ من أموال وشركات بما لها وعليها وتعطينى ما لديك. إننا لسنا مليارديرات كما تتصور، نحن فقراء لأننا ندفع كل شهر رواتب بالملايين وفى بعض الأحيان لا نستطيع تدبيرها.

ماذا أريد أن أقول؟

إننى لا أدافع عن رجال الأعمال كما قد يتصور البعض، وإنما أنا أدعو أن نرى رجال الأعمال كما نرى باقى فئات المجتمع، نراهم كبشر، ليسوا شياطين ولا ملائكة، بشر لديهم مشاعر وجوانب خير وشر وعندهم عائلات وأصدقاء ويعملون لأنفسهم ولغيرهم ولوطنهم.

والله أعلم

 

مصطفى عبيد

[email protected]