رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

على فكرة

 

 

طالعتنا الصحف والمجلات الأسبوع الماضى بعدة أخبار تسد النفس، أخطر ما فيها ليس حدوثها  فقط، بل مرورها مرور الكرام، إذ لم يتوقف أمامها أحد، مثلما جرى مع فستان سخيف عار لممثلة أقام الدنيا ولم يقعدها، وتحول إلى قضية مجتمعية، بفضل حملات مدعى الفضيلة والأخلاق المطالبة بمحاكمتها، والمساهمة فى انتقال قضية الفستان من المقاهى ومنصات التواصل الاجتماعى والبرامج الفضائية المعنية بالصخب، إلى ساحة البرلمان، ومنها إلى تحقيقات النيابة. لكن  يحسب للنيابة  أنها لم تخضع لتلك الحملات الغوغائية، وأخلت سبيل الممثلة  رانيا يوسف بضمان محل إقامتها، بعد اعتذارها، وتنازل محامى الحسبة كما وصفهم  الصديق «حمدى رزق» عن بلاغاتهم الدعائية المفضوحة. وإلا بالله عليكم  لماذا  لم يكتف  مقدمو البلاغات بترك الأمر للتحقيق مع الممثلة داخل نقابة المهن التمثيلية لتنحصر المشكلة فى النطاق النقابى، إلا إذا كان الأصل فى الموضوع هو تلبية رغبات شرسة للدعاية والإعلان  وحب الشهرة والظهور، خاصة أن بطلة الانتفاضة ضد الفستان العارى، هى ممثلة معروفة، ما يعنى أن أعدادًا هائلة من الناس سوف تتابع القضية، وأن مقدمى البلاغات سوف يصبحون ضيوفا على موائد الحوار الفضائية التى تشبههم، وأن الحال يبقى كما هو عليه، حتى يخرج محامو الحسبة من غيطان الذرة، التى يلبدون فيها  للمجتمع، لتصيد قضية جديدة، لن يكون بينها التوقف أمام أن مصر تحظى بجانب أفغانستان، بأعلى نسب تحرش فى العالم !

ومرت  قضية تلميذة دمياط التى اتهمت مدرسها  بالتنمر، ولم نسمع لهؤلاء المحتسبة صوتا. وعلى الرغم من شهادة زملائها تلاميذ المدرسة لصالح معلمهم، المشهود له بالكفاءة والتميز والفضيلة، وانتهاء المشكلة بين أسرة التلميذة والمدرس، فقد تم عقابه، ونقله من المدرسة التى يعمل بها إلى أخرى، وإهانته فيها وسط تلاميذه، فضلا عن أسرته، بإلقاء القبض عليه والتحقيق معه، أليس هذا ظلما يستحق التحرك والانتفاض ضده؟!  

لم نسمع لهم صوتا فى الحادث المفجع الذى أدى إلى انتحار طالبة فى معهد عبد الناصر الطبى فى الإسكندرية ،بعد الضغوط التى تعرضت لها بسبب المعاملة المهينة والمزرية لها من قبل المشرفات العاملات فى  المعهد. ولن نسمع لهم صوتا بطبيعة الحال فى منع رئيس جامعة الأزهر  أساتذة لجامعة من الظهور فى وسائل الإعلام، إلا بعد أن يمنحهم ترخيصا بذلك، وهو قرار يحط من كرامة الأساتذة، ولا مثيل له فى جامعات العالم!

وقبل أيام نشرت مجلة روز اليوسف تحقيقا مخيفا  للزميلة ابتسام عبد الفتاح عن الدولة التى يقيمها الداعية السلفى ،صاحب دعوة غزوة الصناديق «محمد حسين يعقوب» فى المدارس  الخاصة التى يمتلكها فى المناطق الشعبية فى نهيا وكرداسة والمعتمدية، التى تدرس مناهج فى الشريعة والفقه لا تخضع لأى جهة رسمية، ومدرساتها منتقبات لأن النقاب فريضة، والتلميذات يرتدين الخمار حتى فى الحضانة، وتحية العلم محظورة ومحرمة، وكراهية الرئاسة والجيش والشرطة شروط القبول للالتحاق بها، لم نسمع للمحتسبة صوتا لهم ولن نسمع .

 لكن المخيف فى الأمر ليس دور هؤلاء فقط، بل أن تصبح هذه الجرائم وغيرها  كثرا، من الأمور المألوفة للمواطنين، الذين يعتادون رؤيتها وسماعها وقراءتها، ثم تغدو  جزءا من تجاربهم اليومية العابرة. مكمن الخطر أن المجتمعات التى يخفت فيها صوت الضمير العام، فلا تجزع لتألم  المظلوم، ولا تغضب للتصدى لظالمه، ولا تتوجس من  إساءة استخدام السلطة، ولا تنتفض لإصلاح التشوهات الخلقية  التى تدفع لقتل  الأقارب من الأبناء والأزواج والزوجات والآباء والأجداد، خضوعا لنزوات عابرة، وطمع متأصل، وتصمت عن مخاطر من يتاجرون بالدين، هى مجتمعات هشة مشوهة، فلا تعتادوا على القبيح  المنفر ، حتى لا يستعصى على التغيير.