رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

حالة العنف التى شهدتها فرنسا تذكرنا بالحالة العربية قبل اندلاع ثورات «الربيع العربى» حيث تثير مظاهرات أصحاب السترات الصفراء تساؤلات عديدة من بينها هل انتهى شهر العسل بين الفرنسيين وأصغر الرؤساء الذين حكموا فرنسا سناً إيمانويل ماكرون الذى ولد فى 21 ديسمبر عام 1977 وهو الرئيس الثامن للجمهورية الفرنسية الخامسة وينتمى سياسياً لتيار وسطى يمثله حزب «إلى الإمام» الذى أسسه عام 2016؟.. أو هل ما يحدث انعكاس لمجريات الصراع مع اليمين والمتطرف؟، بعد أن اتهم ماكرون اليمين فى بلاده بأنها وراء حالة عدم الاستقرار حيث انتهز فرصة رفع أسعار المحروقات ليمارس مناورات سياسية تستهدف استرداد وضعه، بعد تقدم ماكرون على زعيمة اليمين المتطرف ماريان لوبان فى الانتخابات الرئاسية عام 2017 بفارق قليل.

وتطفو على سطح الأحداث، أن سبب هذه الأحداث معارضة السياسات الاقتصادية لماكرون حيث يعترض المحتجون على الضرائب التى طرحها ماكرون على الديزل والبنزين، بغية تشجيع المواطنين على التحول لاستخدام وسائل نقل أقل ضرراً بالبيئة، وهو إن كان غرضاً نبيلاً إلا أنه من الناحية العملية عالى التكلفة المادية، ولهذا كان من الطبيعى بالتزامن مع فرض الضريبة، أن تقدم الحكومة حوافز لشراء سيارات كهربائية أو صديقة للبيئة ولكن الأمر يثير مخاوف تكرار ثورات الربيع العربى فى الشرق الأوسط قبل ثمانية أعوام خاصة أن الشارع الفرنسى شهد دعوات صريحة تطالب برحيل ماكرون عن قصر الإليزيه وهو المطلب نفسه الذى طالب به «ثوار» الربيع العربى من قادة بلادهم آنذاك وهو بالنسبة لفرنسا مؤشر جد خطير لأنه يأتى بعد حالة من الصراع السياسى تمثلت فى تمرد فرنسا على الحليف الأمريكى بسبب اقتراح إنشاء جيش أوروبى موحد وهو ما اعتبرته واشنطن محاولة أوروبية للتصدى لسياسة الهيمنة الأمريكية والخروج عن مبادئ الشراكة التقليدية معها خاصة فى المناطق التى تغامر فيها الإدارات الأمريكية المتعاقبة وتعرضنا لهذا الموضوع فى مقال سابق بالتفصيل، الأمر الذى قد يكون له انعكاسات سلبية على مجريات السياسة الداخلية الفرنسية.

كما أن أحداث باريس وغيرها من المدن الفرنسية، جاءت فى أعقاب الاحتفال الذى أقامته فرنسا بمناسبة ذكرى انتهاء الحرب العالمية الأولى فى مطلع شهر نوفمبر، ودعت له عدداً من زعماء العالم وكان كل من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والرئيس الروسى فلاديمير بوتين من بين الحاضرين ولكن نلاحظ أن المحتفلين قد أخفوا كثيراً من نقاط الخلاف بينهم وهو ما يعد تناقضاً يتحمل ماكرون مسئوليته وربما فطن له المواطن الفرنسى ما مهد لاندلاع هوجة أصحاب السترات الصفراء.

ويتعرض الرئيس ماكرون لكثير من الانتقادات بسبب سياساته الاقتصادية بشكل متزامن مع قرار بريطانيا الانسحاب من عضوية الاتحاد الأوروبى وهو ما يلقى بظلاله على الشارع الفرنسى ويجعل البعض ربما يردد فى فرنسا نفس الدعاوى الاستقلالية عن السياسات الأوروبية التى ترددت فى بريطانيا وإن الدول الأوروبية الأخرى تتعامل بحذر شديد مع أحداث فرنسا خشية أن تنتقل عدوى مظاهرات السترات الصفراء عبر الحدود إلى خارج فرنسا وهو ما حدث بالفعل فى بلجيكا وهولندا ما يجعلنا نقول إننا أمام موجة جديدة من ثورات الربيع الأصفر فى أوروبا.