رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية وطن

 

عدلت عن الجريمة التى كنت سأتورط بارتكابها ضد «إيفل»، وكان أولادى يطلقون عليه «أوشن» كنت عندما أراه افتكر الشيطان، وكان أولادى يطلقون عليه المحيط لأن شهيته كانت مفتوحة للأكل، وظللنا على هذا الحال، واختفى إيفل بعد أن شغلنا شهوراً طويلة ورغم غضبى الشديد منه إلا أننى أفتقده كلما فتحت باب الشقة أو كنت عائداً من الخارج ولم أجده.

«إيفل» الكلب، هو كلب ضال، عجوز تربية شوارع، شاهدته لأول مرة نائماً أمام باب شقتنا، كرشته إلى الشارع وعدت فى المساء لأجده نائماً أمام الباب، وتكرر ذلك عشرات المرات، كنت فى كل مرة أفكر فى طريقة للتخلص منه، وأتراجع بدافع الرفق بالحيوان، الغريب انه «نوّام» من كثرة النوم، لا يستيقظ إلا بعد بذل مجهود كبير معه، كان ينام أكثر مما يأكل، بصراحة أولادى كانوا كرماء معه، ولو كان هناك مكان خال فى الشقة لاستضافوه ضيفاً عزيزا عندنا، رغم قسوتى عليه، كانوا يقنعونى انه حيوان ضعيف، وأن الدين يدعو إلى الرفق بالحيوان، قلت لهم انه فرض نفسه علينا، وأنا لا أحب سياسة الأمر الواقع، قالوا: هتعمل عقلك بعقل الكلب، قلت لابنى الصغير شكراً، واستمر الخلاف بيننا حول «إيـفل» الذى هو بالنسبة لهم «أوشن» فترة طويلة فى كل مرة يأتى ذكره نبحث عن حكايات عن الكلاب ووفاء الكلاب، بالتأكيد أن الكلب ممكن يكون صديقاً فى وقت عز فيه الصديق الوفى، إلا «إيـفل» مكنتش بالعه، كنت أطرده شر طردة إلى الشارع، ويجرى أمامى، وفجأة يراوغنى، ويجرى فى الطريق العكسى، أقف أرقبه أجده فتح الباب الخارجى للمنزل برجله، وصعد السلالم، ونام أمام باب الشقة لم أجده فى يوم واقفاً، رغم انه لا يعانى من مرض، إلا أنه خالى شغل، وأنا مش محتاج إلى مرافق موصلتش للسن التى أستعين فيها بكلب يدلنى على الطريق، ويعيط حول نعشى بعد  وفاتى، كما حدث مع سولى.

الكلب «سولى» قرأت حكايته أمس، بعد أن شاهدته نائما، حزينا، عيناه مغرورقة بالدموع أكثر من البشر، حزناً على صديقه «بوش» الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية، الكثيرون شاهدوا «سولى» يستلقى أمام تابوت «بوش» بمنزله بهيوستن أثناء إجراءات دفنه «سولى» قرر ألا يتخلى عن صاحبه حتى بعد موته، ودفنه، كانت مظاهر الحزن واضحة عليه، وظل فى خدمة «بوش» سنين طويلة، كان يصطحبه فى كل مكان، والكلب «سولى» من فصيلة لابورد وهى كلاب تستخدم لمساعدة أصحاب الهمم، وتتمتع بشعبية كبيرة فى معظم أوروبا، وقال مقربون من «بوش» إن الكلب «سولى» سيعود إلى مؤسسة «فيت داغر» التى تولت تدريبه على مساعدة المتقاعدين من كبار السن والعجزة.

فرق كبير طبعاً بين «سولى» كلب «بوش»، و«إيفل» الكلب ابن الشوارع الذى ابلتنا به الظروف، لا أريد أن أفضح كلاب بلدنا، وأكشف سترها حتى لا يشمت فينا الأمريكان فكما عندنا كلاب ضالة، عندنا أيضاً كلاب أصيلة من عائلات عريقة، ارجع يا «إيفل»، أنا سامحتك أدعوك تعود بحق العِشرة رغم غضبك منىّ، اعترف بأننى كنت أعاملك بقسوة، لكن أنا معذور مكنتش أعرفك، واللى ما يعرفك يجهلك.

 

«وللحديث بقية»