رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

انتهيت منذ ايام قليلة من قراءة واحد من أهم الكتب وأبرزها في التحليل الاجتماعي والنفسي لما حدث في مصر عقب ثورتي يناير ويونيو، وهو كتاب "الثورة العميقة.. رحلة الطريق الرابع في مصر الجديدة"، للصحفي محمد شعير .

إن محتوى الكتاب يذكرنا بذكريات متباينة بين الحزن والفرح، والألم والسعادة، التي جمعت صفوف الشعب المصري بمختلفة اتجاهاته وأفكاره الثقافية والتعليمية المتباينة. فقد اعتبر الكاتب أن ثورة 30 يونيو هي استكمال لثورة 25 يناير، إلا أنه قسّم حينذاك المواقف ما بين أربع طرق، الأول: طريق أطلقت عليه طريق الثوار الرافضين كل شيء يخالف 25 يناير «عقدة وعقيدة»، وطريق المؤيدين لما تلى 30 يونيو، وطريق «الإخوان»، والطريق الرابع هو الذي اختار أن يسير عليه، وعنوانه عدم التعصب لأي رأي أو جماعة أو موقف. وقد اشار الكاتب خلال التحليل العميق والسلس لرؤيته لمصر عقب ثورة يناير وما تلها من موجة مكملة أن ملامح الطريق الرابع الذى يدعو إليه تقوم على فكرة التوازن بين مفهومي الدولة والحرية، وأنه حتى تكون لدينا حرية فلابد أن تكون لدينا دولة أصلاً، وأنه حتى نضمن استقرار الدولة وعدم تعرضها لأى هزات فلابد أن تكون لدينا حرية مسئولة وانفتاح وتقبل للنقد. وأضاف إن هذا الطريق برغم كونه عقلانيًا لكن العقلاء مازالوا قليلين في مجتمعنا ولا بد أن نعترف بهذا، لكن هذا الطريق يكبر شيئا فشيئًا ورواده المقتنعون بأفكاره يزدادون بالتدريج. ويضرب المؤلف الأمثلة على محاولة التوازن في الرؤية، هناك مقولة شاعت في الفترة التاريخية التي يتناولها كتاب "الثورة العميقة" وهى مقولة "مش أحسن ما نبقى زي سوريا والعراق؟"، وهذه فكرة صحيحة لها منطقها، لأن وضع مصر أفضل كثيرًا من دول أخرى شقيقة، قلوبنا مع أهلها فيما تعرضوا له على مدى السنوات الماضية، لكن في المقابل كانت هناك مبالغة في استخدام هذه المقولة ضد كل من يطالب بإصلاح وضع سياسي معين أو تعديل قرار خاطئ، مما جعل المقولة عرضة للسخرية، لأن الفكرة تم ابتذالها، رغم أنها في الأصل صحيحة، ونحن أفضل بالفعل من غيرنا لكننا لن نتقدم إلا بالنقد البنّاء.

تطرق المؤلف عبر فصول الكتاب الشيقة إلى لفت نظر القارئ باستخدام عناوين رنانة إلا أنها تحمل معانى كثيرة في طيتها لتأكيد على هيبة وقوة الدولة ولكن مع الأخذ في الاعتبار توفير الحريات اللازمة للمواطن حتى يشعر بالأمان والقدرة على العطاء والانتاج فكان هناك فصل كامل يؤيد ويبارك أهمية القيام بموجة ثانية للثورة الأم لتخليص المجتمع من ظلمات الجهل والطغيان وانتشار الفاشية الدينية وكذلك فصل يطرح فيه معالم الطريق الرابع الذى يرنو ويطمح إلى تحقيقه وهو التوزان والاستقرار لبناء مصر القوية بعيدة عن التعصب والجهل والاستبداد. عمل أدبى يستحق القراءة والتمعن لأنه يتميز بعذوبة الكلمات وعمق المعاني والأفكار مع نبذ كل أساليب الذج أو الإساءة لأى رمز من الرموز الإعلامية والسياسة والفكرية المذكورة في الكتاب.

اطلب ممن تتاح له الظروف قراءة الكتاب الذى يحمل عنوان "الثورة العميقة.. رحلة الطريق الرابع في مصر الجديدة" لأنه حقا تجربة تستحق الاطلاع. كما إنني اتوجه بخالص الشكر والامتنان للكاتب الصحفي المتميز محمد شعير الذى قدم وجبة دسمة ومتميزة تجمع بين الشجاعة والالتزام المهني في محاولة منه لتسليط الضوء على الجانب الإيجابي في مجتمعنا ولم جموع الشعب المصري باختلاف أفكاره ومعتقداته تحت سقف دولة قوية تقوم على التوزان والاستقرار بعيدة عن الانفلات والاسترخاء .